[155] السيد محمد بن عبد الله بن الإمام شرف
  وانسها فلما عرف ما فعلت خاف من خاله، فاستتر في مكان مهجور وبات فيه فرأى في منامه سردابا من ذهب، والناس يحملون منه، فظهر له شخص كريه المنظر فزجره عن الذهب وأطعمه شيئا كالعجين في حلاوة العسل وقال له:
  رزقك في هذا، ثم قال له أجز هذا البيت:
  وطيف عام منك فلم يزدني ... على تسليمه وعلى وداعي
  فقال:
  طمعت بما تحيت المرط منه ... فلم أظفر بما تحت القناع
  فقال له ذلك الشخص: أحسنت واللّه ثم انتبه وخاطره يجيش بالشعر، فلم يلبث قليلا حتى جاء خاله يطلبه وعاتبه على ما وقع في الزرع، فقال مجيبا لخاله مرتجلا:
  ألا يا خال عاتب أهل جملا ... ولا تعجل بسبّي أو بضربي
  رعت بالأمس زرعك ذا جناها ... فضلّت ترتعي ثمرات قلبي
  واشتهر بالشعر، وما زال عالقا بجملا حتى شبّت فخطبها من أبيها فاستام عليه مالا كثيرا لم يكن في يده، فمدح المنصور باللّه علي بن الناصر علي بن صلاح الزيدي وأجاد في مدحه فأعطاه خمسمائة دينار وخلع عليه وأعطاه فرسا وأمره بمعاودته كلّ سنة، وكان المنصور بصنعاء ولمّا رجع المزّاح إلى بلاده وبلغ تعز بلغه أن جملا تزوّجت فأغمي عليه ولمّا أفاق قال:
  لقد خبّروني أن جملا تزوّجت ... وأفضى إلى تلك المحاسن زوجها
  فبتّ كأنّي في غوارب لجّة ... تقاذفني في ظلمة الليل موجها
  أقول: وبضدّ عفّة السيّد محمد عن الجارية، ما حكي: أن محدثا رافق نصرانيا في سفينة ومع النصراني غلام مجوسي فأكلا معا ثم صبّ الغلام لسيّده شيئا من قارورة، فقال المحدّث للنصراني: أي شيء هذا؟ قال: زعم الغلام أنّها خمرا شراها من فلان اليهودي، فتناول المحدث الكأس من يده وقال: خبّر نصراني عن مجوسي عن يهودي واللّه ما أشربها إلّا لضعف الإسناد، ثم شربها.
  وأشار السيد مطهّر الجرموزي في سيرة الإمام المنصور باللّه، إلى أن السيد محمد بن عبد اللّه المذكور تاب عن هجاء الإمام بالقصيدة التي ذكرنا خبرها عند