نسمة السحر بذكر من تشيع وشعر،

يوسف بن يحيى المؤيد (المتوفى: 1121 هـ)

[158] أبو بكر محمد بن العباس الخوارزمي الشاعر

صفحة 137 - الجزء 3

  وليس حيّ من الأحياء تعرفه ... من ذي يمان ولا بكر ولا مضر

  إلّا وهم شركاء في دمائهم ... كما تشارك أيسار على جزر⁣(⁣١)

  ودلّت الرّسالة أنه كان من كبار الزيدية.

  وكانت بينه وبين البديع الهمذاني⁣(⁣٢) مقاولة وعداوة كعادة أكثر المتماثلين في الفضل، فممّا كتبه إليه البديع من رسالة: «فقلت الناس أعلم والأخبار المتظاهرة أعدل، والآثار الصّادقة أصدق وحلبة السباق أشهد، والعود إن شط أحمد، ومتى استزاد زدنا:

  إن عادت العقرب عدنا لها ... وكانت النعل لها حاضره

  وله عندي إذا شاء كلّ ما شاء، ولن يعدم إذا أراد فقدا يطير فراخه، ويلطم صماخه، وما كنت أظنّه يرتقي بنفسه، إلى طلب مساماة، بعد ما سقيته نقيع الحنظل، وأطعمته الجزا بالخردل، فإن كان الشقا قد استهواه، والحين قد استغواه، فالنفس منتظره والعين ناظره، والنعل حاضره، وهو منّي على ميعاد، وأنا له بالمرصاد».

  وأذكرني كلام البديع قوله من رسالة لطيفة إلى بعض الرؤساء: «والأدب لا يمكن ثرده في قصعة، ولا صرفه في ثمن سلعة، ولي مع الأدب قصّة، جهدت في هذه الأيّام بالطبّاخ أن يطبخ لي جيمية الشمّاخ فلم يفعل، وبالقصّاب أن يسمع أدب الكتّاب فلم يقبل، وأنشدت في الحمّام ديوان أبي تمام فلم ينفذ، ودفعت إلى الحجام مقطّعات اللّجام، فلم يأخذ، واحتيج في البيت إلى شيء من الزيت، فأنشدت من شعر الكميت، ألف ومائتي بيت، فلم يغن، ولو دفعت أرجوزة العجاج، في توابل السكباج، ما عد منها عندي، ولكن لست تقنع، فما أصنع، فإن كنت تحسب اختلافك إليّ إفضالا عليّ، فراحتي أن لا تطرق ساحتي، وفرجي في أن لا تجي، والسلام».

  وتوفي أبو بكر الخوارزمي بنيسابور في شهر رمضان سنة ثلاث وثمانين وثلاثمائة، ¦.


(١) لم أعثر عليها في رسائل أبي الفضل بديع الزمان الهمداني.

(٢) ترجمه المؤلف برقم ٦.