نسمة السحر بذكر من تشيع وشعر،

يوسف بن يحيى المؤيد (المتوفى: 1121 هـ)

[164] أبو الفضل محمد بن أبي عبد الله الحسين

صفحة 161 - الجزء 3

  تسع وخمسين وثلاثمائة وقيل سنة ستين وكانت علّته بالنقرس والقولنج يتعاقبانه، ورثاه الصاحب الكافي وغيره⁣(⁣١).

  وترتب مكانه وزيرا ولده ذو الكفايتين أبو الفتح علي بن محمد⁣(⁣٢)، وهو فاضل أربى في الأدب على أبيه، وربما فضّل على المشبّه به الشبيه، وثبت مثله في الجود على صراط مستقيم فكأن الميت حيّ كما قال الحصري الأندلسي غير أن الضاد ميم.

  قال الثعالبي: ومن ظريف أخبار أبي الفتح، أن أباه كان قيّض جماعة من ثقاته في السرّ يشرفون على ولده في منزله ومكتبه ويشاهدون أحواله ويعدّون أنفاسه، وينهون إليه جميع ما يأتيه أو يذره، ويقوله ويفعله، فوقع إليه بعضهم أنه اشتغل بما يشتغل به الأحداث المترفون، من عقد مجالس الأنس واتخاذ الندماء، وتعاطي ما يجمع شمل اللّهو في خفية شديدة واحتياط تام، وأنّه في تلك الحال كتب رقعة إلى بعض أصدقائه في استهداء الشراب، فحمل إليهم ما يصلح من المشروب والنقل والمشموم، فدسّ والده إلى ذلك الإنسان من أتاه بالرقعة، فإذا فيها بخطّه بعد البسملة:

  قد اغتنمت الليلة أطال اللّه بقاك يا سيدي ومولاي رقدة من عين الدهر، وانتهزت فرصة من فرص العمر، وانتظمت مع أصحابي في سمط الثريا فإن لم تحفظ علينا النظام، باهدى المدام عدنا كبنات نعش، والسلام.

  فاستطير أبو الفضل فرحا وإعجابا بهذه الرقعة، وقال: الآن ظهر لي أمر براعته ونفث سحره في طريقي، وثباته ونيابته منابتي ووقّع له بألفي دينار⁣(⁣٣).

  وقال أبو الحسين بن فارس: ذاكرت أبا الفضل بأشياء من نثر والده أبي الفتح فأعجبته، وكان مما أعجبه واستضحك له رقعة وقع فيها: الشيخ أصغر من


(١) وفيات الأعيان ٥/ ١١٠.

(٢) هو أبو الفتح ذو الكفايتين علي بن أبي الفضل محمد بن العميد. كان ذكيا أديبا، جيد النظم والنثر، درس على أبيه، واقتدى به في علو الهمة والكرم والفضل، ومن أساتذته ابن فارس اللغوي. وزر - بعد أبيه - لركن الدولة بن بوية. وكان عمره آنذاك (٢٢) سنة. ولما تولى عضد الدولة الحكم أقره على عمله ثم تغير عليه، فكتب إلى أخيه مؤيد الدولة بالقبض عليه، ثم وكل به من استصفى أمواله، وسمل عينه، وعذبه حتى مات، وذلك سنة ٣٣٦ هـ. ترجمته في: معجم الأدباء ١٤/ ١٩١. يتيمة الدهر ٣/ ١٥٨، نكت الهميان / ٢١٥، أنوار الربيع ١٦ / هـ ٢٧٢.

(٣) يتيمة الدهر ٣/ ١٨١ - ١٨٢.