نسمة السحر بذكر من تشيع وشعر،

يوسف بن يحيى المؤيد (المتوفى: 1121 هـ)

[165] أبو الفتح، محمد بن عبيد الله بن عبد

صفحة 172 - الجزء 3

  الثغر بالأقاح ونحوه دليل على ذلك ويدل على ذلك قول ابن الخيمي لقد حكيت ولكن فاتك الشنب، يعني لقد حكيت ببياضك ثغر الحبيب ولكن فاتك الشنب وهو حدّة الأسنان.

  قلت: انتصار القاضي الفاضل لأبي الفتح جيّد لولا شيئان: أحدهما أنهم ما كانوا يعوّلون في حفظ الشعر على الكتب بل يأخذونه من أفواه الرواة معنعنا لعنايتهم بشأنه العظيم الذي يخلّدون المناقب لا كزماننا الذي لا يكاد يفهم لفظة الشعر إلّا الخوّاص، دع عنك المعنى فمن يفهمه؟ أقلّ من القليل ولذلك تجد كتب الأفاضل وتجد فيها البيت والبيتين مسندة إلى قائلها بنحو ورقة، ولا يتساهلون في ذلك، وإلّا لكان لا يوثق بشيء من ألفاظ الشعر لجواز وقوع التصحيف فيه، وابن خلكان لم يكن بلغ إلى هذا الزمان الذي مات فيه الشعر بموت الكرام، واللازم غير واقع.

  والثاني: أن الشيب مكروه عند الحبايب، فلو عيّر به التعاويذي محبوبته لصارمته مصارمة لا ينفع معها التعاويذ والرقى، ولصار مقام المغالطة المقصود جدا.

  وفي كلام ابن خلكان أيضا وهم فإن الشنب هو البياض، والحدّة جميعا لا الحدّة فحسب، وإلّا لكان الثغر الحديد الأسنان مع صفرتها أشنب، لا قلحا رديّا مكروها، وإنّما عنى سبط ابن التعاويذي أخذ معنيي الحدة فكان ما قال القاضي أبو محمد أقرب ممّا فهم القاضي شهاب الدين ابن خلكان، وقد قيل: أن الشنب رقّة الأسنان وعذوبتها وقيل هو ماؤها الحلو البارد الذي يوجبه طبع الشّباب.

  وكان أبو الفتح المذكور موالي بني المظفر وزراء المستضيء والمستجد الخليفتين وصنّف كتاب الحجبة في خمسة عشر كراسة، وكان فصيحا في النثر معدودا في الكتاب وخطبة ديوان شعره تدلّ على فصاحته.

  وذكره العماد في الخريدة وقال: هو كان صاحبي وهو شاب فيه فضل وأدب ورياسة، وكتابة ومروءة وفتوّة، وجمعني وإيّاه صدق العقيدة في عقد الصّداقة⁣(⁣١).


(١) خريدة القصر / قسم شعراء العراق ج ٣ ق ٢/ ٨.

(٢) في هامش ج: «كانت ولادة ابن التعاويذي في العاشر من رجب يوم الجمعة سنة تسع عشرة وخمسمائة، وتوفي في ثاني شوال سنة أربع وقيل ثلاث وثمانين وخمسمائة ببغداد، ودفن في باب أبرز».