نسمة السحر بذكر من تشيع وشعر،

يوسف بن يحيى المؤيد (المتوفى: 1121 هـ)

[167] الخليفة المنتصر بالله، أبو القاسم، محمد

صفحة 182 - الجزء 3

  وإذا اختفى عند الحسود فعاذر ... أن لا تراه مقلة رمداء

  انتصر للولي بالهندي على يد التركي فلقّب المنتصر، وأودى بذلك المنظر إلى يوم يبعث له هذا الأسد ويا بئس ما بات له ينتظر، ولم يقدر أن يسمع في ابن عمّه وأمامه البهتان، من ذلك المجاهد على الشرك في بغضه وحرب الرحمن، ولم يقل له أف حتى كاد أن يطفي من ظلمة جهله القنديل، ولا تجد قوما يؤمنون باللّه يوادّون من حاد اللّه العلي الجليل، فلم يستيقض من سكرة نومه ويفتح عينيه حتى أيقضت أجفانها صغار الأعين، واستعانت بالحاجب عليه وسبق السيف العذل، وأعاد ذلك الجواد جذعا يوم الجمل، ووليّ الفتح، وأردته الكباش البيض بالنطح، والذبح، وكان أبوه عقد له الخلافة في حياته ثم ندم وصار يتوعده مرّة ويتهدّده أخرى ويقول سميتك المنتصر، وسمّاك الناس المنتظر لحمقك، وكان المنتصر شيعيّا ووالده المتوكل من زنادقة النواصب، فتمكنت عداوة المنتصر لأبيه ورأى منه ما يقتضي الانحلال عن الإسلام مثل هدمه قبر الحسين #، وخاف منه فأعمل الحيلة في قتله حتى قتله.

  وقال الشيخ صلاح الدين الصفدي في الجهورية: دخل المنتصر | على أبيه المتوكل ليلة وقدّامه رجل قد تزيّا بزيّ عليّ بن أبي طالب # وقد كبّر بطنه، فتبيّن الغضب في وجه المنتصر، ففطن المتوكل وكان ذلك أحد الأسباب الباعثة للمنتصر على قتل أبيه.

  ورأيت في أخبار البحتري الشاعر: حدثني أبو علي الحسين بن فهم قال:

  لما تمّت بيعة المنتصر كان أوّل شيء فعله عزل صالح بن فهم عن المدينة، وولّاها علي بن الحسين بن إسماعيل بن العبّاس بن محمد وقال له: ولّيتك لتخلفني في برّ آل أبي طالب، وقضاء حوائجهم ورفعها إليّ، فقد نالهم جفوة، وخذ هذا المال ففرقه فيهم وفي أهلك على أقدارهم، فقال له: سيبلغك بعون اللّه رضى أمير المؤمنين، فقال: إذا تسعد بذلك عند اللّه وعندي، وأحبّ المنتصر أن يشتهر فعله ذلك، ويمدح فكان أوّل من فطن له البحتري فأنشده:

  تبسّم عن واضح ذي أشر، ... وتنظر من فاتر ذي حور⁣(⁣١)


(١) ذي أشر: أي أطراف أسنانه محددة. وأراد بالفاتر النظر: الساكن، الذابل.