[6] أبو الفضل أحمد بن الحسين بن يحيى بن سعيد الهمداني
  والأشعار السائرة، وله المقامات المشهورة، وهو فاتح بابها، ويكفي أن أبا محمد الحريري الإمام الفاضل اقتدى به في مقاماته وأشار إلى ذلك في فاتحة الكتاب، وتمثّل بقول الشاعر:
  فلو قيل مبكاها بكيت صبابة ... بسعدى شفيت النفس قبل التندم
  ولكن بكت قبلي فهيّج لي البكا ... بكاها فقلت: الفضل للمتقدم
  وإنما الفضل للمتقدم وهو أبوه، وكان من خاصّة الصاحب كافي الكفاة(١)، وكان يعظّمه ويعرف قدره، وله معه ماجرايات لطيفة.
  فمن رسائله: «حضرته التي هي كعبة المحتاج، لا كعبة الحاج، ومشعر الكرام لا مشعر الحرام، ومعنى الضيف. لا منى الخيف، وقبلة الصّلات لا قبلة الصلاة»(٢)، وفيها من التوجيه ومراعاة النظير ما لا نظير له»(٣).
  ومن رسائله: «الماء إذا طال مكثه ظهر خبثه، وإذا سكن متنه تحرك نتنه، وكذا الضيف يسمج لقاؤه إذا طال ثواؤه، ويثقل ظلّه إذا انتهى محلّه»(٤).
  وله من رسالة يعزّي بها: «خطب قد عظم حتى هان، ومسّ قد خشن حتى لان، والدنيا قد تنكّرت حتى صار الموت أهون خطوبها، وجنت حتى صار العظيم أصغر ذنوبها، فانظر يمنة هل ترى إلّا محنة، ثم انظر يسرة هل ترى إلّا حسرة».
  وفي جميع هذا النثر من الصناعة ما لا مزيد عليه(٥).
  وكان بينه وبين أبي بكر الخوارزمي - الآتي ذكره إن شاء اللّه تعالى(٦) - منافسة وشحناء وسباب.
  ومن شعره المختار لي وقت تأليف الكتاب ما رأيته في كتاب الهنا تأليف
(١) ترجمه المؤلف برقم ٢٩.
(٢) يتيمة الدهر ٤/ ٢٥٩، وفيات الأعيان ١/ ١٢٨.
(٣) يتيمة الدهر ٤/ ٢٦٤، وفيات الأعيان ١/ ١٢٨.
(٤) ن. م.
(٥) يتيمة الدهر ٤/ ٢٦٠، وفيات الأعيان ١/ ١٣٨.
(٦) ترجمه المؤلف برقم ١٥٨.