نسمة السحر بذكر من تشيع وشعر،

يوسف بن يحيى المؤيد (المتوفى: 1121 هـ)

[171] أبو سلمى، مطيع بن إياس الكناني الكوفي

صفحة 206 - الجزء 3

  شئت مدحناك كما مدحتنا، وإن شئت أثبناك، فاستحيى مطيع من اختيار الثواب على المدح وهو محتاج، فقال له [من الوافر]:

  ثناء من أمير خير كسب ... لصاحب مغنم وأخي ثراء

  ولكنّ الزّمان برى عظامي ... وما مثل الدراهم من دواء

  فتبسّم معن، وقال: لقد ألطفت وصدقت لعمري، ما مثل الدراهم من دواء: وأمر له بثلاثين ألف درهم وخلع عليه وحمله⁣(⁣١).

  وكتب المهدي إلى جعفر بن يحيى يسأله أن يوجّه إليه ابنه موسى فلمّا قدم عليه قامت الخطباء والشعراء يهنونه حتى ضجر، فقال مطيع [من مجزوء الرمل]:

  أحمد اللّه اله الحمد ... ربّ العالمينا

  الذي جاء بموسى ... سالما في سالمينا

  بالأمير بن الأمير ... بن أمير المؤمنينا

  فقال المهدي: لا حاجة بنا إلى قول بعد هذا وأمر له بصلة⁣(⁣٢).

  قال: وكان بالكوفة رجل اسمه أبو الأصبع وله قيان، وولد وضي الصورة اسمه الأصبع⁣(⁣٣)، وكان مطيع ويحيى بن زياد وضرباؤهم يألفونه، فكلّهم يعشق ابنه، فلمّا كان يوم نيروز عزم أبو الأصبع أن يصطبح مع يحيى بن زياد فوجه إليه ابنه، فلما دخل بالرسالة قال: نعم وكرامة ثم راوده فامتنع فشاوره وقطع تكّته ونال منه، فلما فرغ أخرج من تحت مصلّاه أربعين دينارا ودفعها إليه وقال:

  انصرف إني على الأثر، وجاء مطيع فرآه يتبخّر ويتطيّب ويتزيّن، فقال له: كيف أنت؟ فلم يكلّمه وشمخ بأنفه، فقال مطيع: مالك أنزل عليك وحي؟ أم كلمتك الملائكة؟ أم بويع لك بالخلافة؟ وهو يومي برأسه: لا، فقال له: كأنك نكت الأصبع؟ فقال: إي واللّه نكته السّاعة، وأنا اليوم في دعوة أبيه، ومضى فاتّبعه مطيع ودقّ الباب واستأذن، فقيل له: يقول لك: هو اليوم في شغل لا يتفرّغ لك، فاعذر فطلب رقعة وكتب [من الرمل]:


(١) الأغاني ١٣/ ٣٥٠.

(٢) الأغاني ١٣/ ٣٥١.

(٣) في الأغاني: «أبو الأصبغ».