نسمة السحر بذكر من تشيع وشعر،

يوسف بن يحيى المؤيد (المتوفى: 1121 هـ)

[171] أبو سلمى، مطيع بن إياس الكناني الكوفي

صفحة 205 - الجزء 3

  وهذه أحد أصوات الأغاني المختارة وصوتها لحكم الوادي.

  ولما خرج الرشيد إلى طوس هاج به الدّم بحلوان، فأشار عليه الطبيب بأكل الجمّار، فأحضر دهقان حلوان فطلب منه جمّارا فأعلمهم أن بلدهم ليس ببلد نخل ولكن على العقبة بحلوان نخلتان، مروا بقطع إحداهما، فقطعت وأتي الرشيد بجمّارها، فأكل منه وراح، فلما انتهى إلى العقبة نظر إلى أحد النخلتين مقطوعة، وعلى القائمة أبيات مطيع المذكورة فاغتمّ الرشيد، وقال: يعزّ عليّ أن أكون نحسكما، ولو كنت سمعت الشعر ما قطعت النخلة ولو قتلني الدم.

  وللشعراء في نخلتي حلوان أشعار كثيرة، فمنها لحماد عجرد [من الخفيف]:

  جعل اللّه سدرتي شيرين ... فداء لنخلتي حلوان

  جئت مستسعدا فلم تسعدان ... ومطيع بكت له النّخلتان⁣(⁣١)

  وقصر شيرين وهي زوجة كسرى معروف بالمدائن⁣(⁣٢)، ثم يبست النخلة الأخرى لذهاب أليفها كما يذوي أحد العاشقين لفراق الآخر، وذلك أن النبات فيه حيوانية فيها يجذب الماء وتدفع الثمر فهو واسطة بين الحيوان والمعدن.

  والجّمار يسكّن غليان الدم وهو بارد يابس في الثانية.

  وقلت أنا في نخلتي وهب بن منبه بظاهر صنعاء وهما قديمتان:

  يا نخلتي وهب وما بي سوى ... تعجّبي من طول وصليكما

  أدركتما سيفا ومن قبله ... وتبّع قد زاد فرعيكما

  كم عانق المحبوب ذو غلّة ... وما حوى عنه عناقيكما

  لا زلتما زوجين لم تجعلا ... إلّا التزام القد دهريكما

  ولا عدى أرضيكما رائح ... يسقي بمثل الدرّ أرضيكما

  وإن سعى بالبين صرف القضا ... فجاز صرف الدهر سوحيكا

  قال أبو الفرج: ومدح مطيع، معن بن زائدة بقصيدة، فقال له معن: إن


(١) الأغاني ١٤/ ٣٥٩.

(٢) في مراصد الاطلاع ٢/ ٨٢٥: «يقع قرب قرميسين، بين حلوان وهمذان»، وليس كما ورد في الأصل.