[172] الخليفة المعز لدين الله أبو تميم، معد
  بها ولقنها منه، وأتعب نفسه من السؤال عن معناها فأخذ نفسه بحفظ اللغات وابتدأ يتعلّم البربريّة حتى أحكمها، ثم تعلّم الروميّة والسودانية حتى اتقنهما، ثم أخذ يتعلّم الصقلبيّة فمرت به تلك الكلمة فإذا هي سبّ قبيح، فأمر بمظفّر فقتل بسبب كلمته، وبلغه أمر تلك الحرب التي كانت بين بني حسن وبني جعفر بالحجاز حتى قتل من بني حسن أكثر من بني جعفر، فأنفذ ماله في سرّ مع رجاله فأصلحوا بينهما، وحملوا الفاضل من القتلى فزاد لبني حسن عند بني جعفر نحو سبعين قتيلا فأدّوا عليهم وعقدوا بينهم الصلح بالحرم تجاه الكعبة، وتحملوا عنهم ما كان لغيرهم سنة ٣٤٨، فصارت للمعزّ يد عند بني الحسن، فلما ملك القائد جوهر بادر حسن بن جعفر الحسني بالدعاء للمعزّ في ملكه، وبعث إلى القائد بالخير فسيّره إلى المعزّ فأنفذ إليه بتقليده الحرم وأعماله.
  وسار المعزّ بعساكره من المغرب حتى نزل بالجيزة، فعقد له جوهر جسرا جديدا عند المختار بالجيزة فسار عليه، وزيّنت له مدينة الفسطاط فلم يشقها، ودخل القاهرة بجميع أولاده وأخوته وسائر أولاد عبيد اللّه المهدي، وبنى بيت آبائه لسبع خلون من رمضان سنة اثنتين وستين وثلاثمائة، فعندما دخل القصر صلّى ركعتين فاقتدى به من حضر وبات به، فلمّا أصبح جلس للهناء وأمر فكتب في سائر مدينة مصر: إن خير الناس بعد رسول اللّه ÷ علي بن أبي طالب #، وأثبت اسم المعزّ لدين اللّه واسم أبيه إلى عبيد اللّه، وأمر أن يقرأ على المنبر، ومن أجله وقعت الأبيات العينية(١) وجلس في القصر على السرير المذهّب، وصلّى بالناس صلاة عيد الفطر بالمصلّى، فسبّح في كلّ ركعة وفي كل سجدة ثلاثين تسبيحة، وركب لفتح خليج مصر يوم الوفاء، وعمل عيد الغدير ومات بعض بني عمّه فصلّى عليه وكبّر سبعا، وكبر على ميّت آخر خمسا، وقدمت القرامطة إلى مصر فسيّر إليهم جيشا وهزموهم، وما زال إلى أن مات من علّة اعتلّها بعد دخوله القاهرة بسنتين وسبعة أشهر وعشرة أيام، وعمره خمس وأربعين سنة وستّة أشهر تقريبا.
  فإنه ولد بالمهدية حادي عشر رمضان سنة تسع عشرة وثلاثمائة، ¦.
(١) وردت في هامش أول الترجمة.