[185] الخليفة الواثق بالله، أبو جعفر، هارون
  احتجم بسرّ من رأى فحمّ ومات لاثنتي عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الأوّل سنة سبع وعشرين ومائتين وعمره ثمان وأربعون سنة، وبويع ولده الواثق ونفذت البيعة إلى الآفاق.
  وقال الصولي: كان الواثق عالما شاعرا حاذقا، كثير الأكل، راوية للشعر.
  ومن شعره في واقعة حال له:
  حيّاك بالنرجس والورد ... معتدل القامة والقدّ
  فألهبت عيناه نار الجوى ... وزاد في اللّوعة والوجد
  أمّلت بالملك وصالا له ... فصار ملكي سبب البعد
  مولى تشكّى الظّلم من عبده ... فأنصفوا المولى من العبد
  قال الصولي: أجمعوا أنه ليس لأحد من الخلفاء مثل هذه الأبيات في الرقّة واللطف.
  وذكره أبو الفرج الأصبهاني في الأغاني، وأورد من شعره في خادم كان يهواه وله فيه عناء:
  سأمنع قلبي من مودّة غادر ... تعبّدني حينا بمكر مكاشر
  خطبت إليه الوصل خطبة راغب ... فلاحظني زهوا بطرف مهاجر(١)
  ومن شعره:
  لي حبيب قد طال شوقي إليه ... لا أسمّيه من حذاري عليه
  لم تكن عينه لتجحد قتلي ... ودمي شاهد على وجنتيه
  وتشدّد الواثق في دعاء العلماء إلى القول بخلق القرآن، وكان القاضي أحمد ابن أبي داود المعتزلي يغريه بهم ويفتيه بكفرهم، ويحتج بأنّهم جعلوا مع اللّه قديما آخر، حتى أن الواثق قتل أحمد بن نصر الخزاعي وكان من علماء الحديث ببغداد، دعاه إلى الإقرار بخلق القرآن فامتنع، وأغلظ كلامه الواثق فأمر ببطحه وذبحه بيده.
  وقال الذهبي في التذكرة: انه قتله بالصمصامة، سيف عمرو بن معدي
(١) الأغاني ٩/ ٣٤٠.