نسمة السحر بذكر من تشيع وشعر،

يوسف بن يحيى المؤيد (المتوفى: 1121 هـ)

[185] الخليفة الواثق بالله، أبو جعفر، هارون

صفحة 303 - الجزء 3

  وذكر أرسطاطاليس أنّه رأى صنفا من الأسود ببلاد الروم وجهه كوجه الإنسان، وجسده شديد الحمرة، وذنبه شبيه بذنب العقرب، ومنه على شكل البقر، له قرون سود نحو شبر، قيل إنه لا يكون إلّا بالأمكنة المعتدلة، ولم يثبت لوجوده بالهند واليمن.

  ومن أخبار وفيات الخلفاء ما حدث جبريل بن بختيشوع طبيب الرشيد، قال: دخلت على الرشيد يوما فوجدته مهموما مطرقا، فقلت: يا سيدي جعلني اللّه فداك، أخبرني بحالك؟ فإن كانت علّة يكون عندي دواءها سعيت فيه، وإن كان من أمر ورد عليك من الملك فلا تخلو الملوك عن مثل هذا، قال: ليس غمّي لشيء من هذا، ولكن لرؤيا رأيتها أفزعتني وملأتني رعبا، قلت: أو كلّ هذا من رؤيا لعلّها من بخارات رديّة وأضغاث أحلام، فقال: رأيت كأنّي جالس على سرير في بستان إذ بدا كفّ وذراع أعرفه إلّا إنّي لم أفهم صاحبه، وفي الكف تربة حمراء، وقائل يقول أسمع صوته ولا أرى شخصه: هذه التربة التي تدفن فيها، فقلت: وأين هي؟ قال: بطوس، وانتبهت ونسي ونسيت وما خطرت لنا تلك الرؤيا على بال، ثم قدّر خروجه إلى خراسان لما تحرّك رافع بن الليث فلما صرنا في بعض الطريق مرض ولم يزل يتزايد حتى دخلنا طوس، فنزلنا في قصر ابن حميد، فبينما هو يمرض في بستان ذلك القصر إذ قال لي: يا جبريل تذكر تلك الرؤيا؟ ثم قال لمسرور جئني بشيء من تربة البستان، فمضى مسرور وأتى بتربة في كفّه حاسرا عن ذراعه، فقال الرشيد: هذه واللّه التربة التي رأيت في منامي، وهذه الكفّ بعينها، ثم أقبل على البكاء والنحيب، ثم دفن في الليلة الثالثة ودفن في ذلك البستان بعد ما ظفر برافع بن الليث، وقطّعه كما أشرنا إليه في أخبار المعتضد.

  وروى أنه أراد أن يعلم حقيقة علّته فأعطى إنسانا من أهل طوس ماءه وقال: إذهب إلى جبريل ولا تقل له هذا ماء هارون، فذهب الرجل وقال: هذا ماء رجل بيني وبينه معاملة فإن كان يعيش تركته، وإن كان يموت نظرت في أمره، فقال جبريل: صاحب هذا الماء لا يعيش إلّا أياما، فعاد الرسول فأعلم الرشيد وعلم ابن بختيشوع بالأمر، فاختفى حتى مات الرشيد، ولما أيقن بالموت قال:

  احفروا لي قبرا، فحفروا له في البستان، ثم حملوه فجلس على شفيره وقال:

  ويلك يا بن آدم تصير إلى هذا، ثم أمر قوما فختموا فيه وجعل يدعو بدعاء الواثق