نسمة السحر بذكر من تشيع وشعر،

يوسف بن يحيى المؤيد (المتوفى: 1121 هـ)

[188] والد المؤلف، أبو علي، وأبو الحسين، يحيى

صفحة 328 - الجزء 3

  لاستجداء جواهر العلوم كل بشير بفضله رحّال، فأصب شمسا لتلامذته، وأمسى بدرا، وأبهج عصرا، فجّر به قلوب الحاسدين فجرا، كأنّه والعيون ترمقه من كل وجه هلال شوال، وأخذ علم اللسان عن القاضي فاضل البيان أحمد بن سعد الدين، وأخذ عن مشايخ أجلّاء آخرين وأوّلين، بل رأيت بخطّه في ورق عتيق أن عدّة الكواكب التي اقتبس من أشعتها عدة ما رآه يوسف الصديق، وقرأ علوم الأدب كلّها فارتضاه كلّ فاضل خليلا، واتقن الأصولين زائرا لها الأصول غدوّا وأصيلا، وبات لفقه الشريعة مالكا، وأباح حمى النعمان ظافرا بروضة فاتكا، وأعاد للحديث عهد كلّ قديم حافظ، وأكسب علم المبرّد حلاوة كلّ لافظ:

  هذا وليل الشباب الجون منسدل ... فكيف حين يضيء الشيب بالسرج

  وحين أحاط به الكمال، إحاطة الهالة بجبين الهلال، وضاق به وهو البحر ذلك الحصن الشاهق، وكان شمسا وعاودتها زورة المغارب والمشارق، سافر إلى صنعا، فلبست فرحا به من شهبها وزهرها الحلى والردعا، ووافاها القطب من الشمال، وأنشدت أبراجها السامية بلسان الحال:

  يا شيعة الكرم الذين تفرّقوا ... بشراكم قدم الإمام المنتظر

  فتلقاه عمّه أميرها بعد الجدّ بما تفرسه وخال، وحظي وهكذا السعد مع الكمال بالجمال، وفعله له ما صنع شعيب لموسى، ولم يشترط رعى السائمة من ذي الهمة السامية، ولا طلب عيساء، ووجد ثمرة حبّ عليّ، وفاض وسمى نداه على هذا الولي.

  ولنرجع في خبر المطوق بالنعمة عن هذا السجع، إلى الكلام القريب إلى الطبع.

  ولمّا فارق هذا الأصل الثابت، مسقط رأسه بمدينة صنعاء، وقابله أميرها عمّه السيّد الخطير السيد أبو الحسن علي بن المؤيد باللّه بالقبول، وزوّجه ابنته وأعطاه الدار المعروفة بدار حرير، وهي مشهورة تأبى غرفها غير ندماني جذيمة، عكفت على لآليه أصداف أفكار الطلبة، وطار صيت ذلك البدر طيران النسر، وأناخ ركاب الحمام بعمّه الكريم، بعد ما صلّى خلفه كلّ كريم أمير وثنّى بالتسليم، وكان يومه على المجد عبوسا، وانهدم لموته ركن العدل فكأنّه صادف للنعمان يوما بوسا، وبعد ما أضاءت صنعا بجمال عدله أربعين عاما، ورمى النبال