[191] أبو طالب يحيى بن أبي الفرج سعيد بن أبي
  قال: وكتب إليه أبو الغنائم محمد بن المعلم الواسطي(١) الشاعر المشهور وقد عزل عن نظر واسط:
  ولأنت إن لم يبلل الغيث الثرى ... تروي الورى بسماحك الهتان
  لم يعزلوك عن البلاد لحالة ... تدعو إلى النقصان والنسيان
  بل مذ رأوا تيّار جودك زاخرا ... حفظوا بلادهم من الطوفان(٢)
  وقال ابن خلكان: أن ابن رئيس الرؤساء ناظر واسط كان يحمل كل شهر ثلاثين ألف دينار فتعذّر في بعض الشهور كمالها وضاق صدره لذلك فأشار نوابه أن يحاسب ابن زيادة(٣) وكان لها متولّيا للديوان فاستدعاه ليتمّم له ذلك، فقال له ابن زيادة:(٣) معي خطّ المستنجد بالمسامحة، قال: لا بدّ أن تحمل ما يجب عليك، فقال: ما ألتفت إلى أحد ولا أحمل شيئا ونهض، فأشاروا على ابن رئيس الرؤساء بكبس داره ونهبها وكان يسكن قبالة واسط، فقدّموا السفن ليعبروا إليه وقد ركب بنفسه هو وأجناده، فإذا بربرب قدم من بغداد فانتظروه فإذا فيه خدم من خدم الخليفة فصاحوا به: الأرض فقبّل الأرض وناولوه مطالعة فيها: قد بعثنا خلعة ودواة لابن زيادة فتحمل الخلعة على رأسك، والدواة على صدرك، وتمشي إليه وتلبسه الخلعة وتجهّزه إلينا وزيرا، ففعل فلمّا رآه ابن زيادة أنشد ابن رئيس الرؤساء:
  إذ المرء حيّ فهو يرجى ويتّقى ... وما يعلم الإنسان ما في المغيّب
  وأخذ يعتذر، فقال له ابن زيادة: لا تثريب عليكم اليوم، وركب في الربرب إلى بغداد ولا يعلم أحدا أرسلت له الوزارة غيره، فأوّل ما نظر أن
(١) محمد بن علي بن فارس، أبو الغنائم الهرثي، ابن المعلم: شاعر رقيق، من أهل واسط، يغلب على شعره الغزل والنسيب. مولده بالهرث سنة ٥٠١ هـ ووفاته فيها سنة ٥٩٢ هـ (بقرب واسط) له «ديوان شعر - خ».
ترجمته في: وفيات الأعيان ٥/ ٥ - ٩، والاعلام - خ، وآداب اللغة ٣: ٢٤ و Brock. I: ٢ ٨ ٩ (٢ ٤٩) والنجوم الزاهرة ٦: ١٠٢ و ١٤٠ وذيل الروضتين ٩ والمختصر المحتاج إليه ٩٥ ومستدركه ٢٦ ومرآة الزمان ٨: ٤٥١ وهو فيه «المعلم» ودار الكتب ٣: ١١٢ وشعر الظاهرية ٢٢٣، الاعلام ط ٤/ ٦ / ٢٧٩.
(٢) وفيات ٦/ ٢٤٧.
(٣) في الوفيات: «ابن زبادة» وستأتي في الصفحات القادمة أيضا.