[194] أبو يوسف، يعقوب بن إسحاق اللغوي، الإمام
  عقال والأصمعي وهو نامي العلم كالجماد، وأوقع في القلب به حلاوة وفي اللّسان، وفي علم اليونان بالمنطق ما لم تعرف اليونان، وأخذ اللغة عن أبي عمرو، ومحمد بن مهنّا وإسحاق الشيباني، والأصمعي، وأبي عبيدة، والفرّاء، وأخذ عن محمد بن السماك الواعظ.
  وأخذ عنه أحمد بن فرج المقري، ومحمد بن عجلان، وأبو عكرمة الضّبي، وميمون بن هارون وغيرهم.
  وذكره العلماء بكمال الفضل في العربية واللغة وكان علما من الأعلام.
  وذكر ابن خلكان: أن يعقوب روى عن محمد بن السماك الواعظ أنه قال:
  من عرف النّاس داراهم، ومن جهلهم ماراهم، وراس المداراة ترك المماراة(١).
  قلت: أحسب أبا الفتح البستي(٢) أشار إلى هذا حيث قال:
  ما دمت حيّا فدار الناس كلّهم ... فإنّما أنت في دار المدارات
  من يدر دارا ومن لم يدر سوف يرى ... عمّا قليل حليفا للندامات
  والمداراة ترادف التقية المشروعة، ومن لم يدار في بعض الأوقات ربّما تلف كالإمام أبي يوسف يعقوب بن السّكيت المذكور، فإنّه تلف بعدمها.
  فإن أحمد بن عبيد قال: شاورني ابن السكيت في منادمة المتوكل فنهيته فحملني على الحسد وأجاب إلى ما دعي إليه، فبينا هو مع المتوكّل يوما إذ أقبل المعتزّ والمؤيد إبناه، فقال: يا يعقوب أيّما أحبّ إليك ابناي هذان أم الحسن والحسين؟ فغضّ من ابنيه وذكر الحسنين بما هما أهل له، فأمر الأتراك فداسوا بطنه فحمل إلى داره ومات سنة أربع وأربعين ومائتين(٣) ¦.
(١) وفيات الأعيان ٦/ ٣٩٥.
(٢) ترجمته في: وفيات الأعيان ٣/ ٣٧٦ - ٣٧٨، الأنساب للسمعاني ٢/ ٢٢٦، يتيمة الدهر ٤/ ٣٠٣، المنتظم ٧/ ٧٢ (وفيات ٣٦٣)، تأريخ الحكماء للبيهقي ٤٩، طبقات الشافعية للسبكي ٤/ ٤، معاهد التنصيص ٣/ ٢١٢، البداية والنهاية ١١/ ٢٧٨، شذرات الذهب ٣/ ١٥٩، العبر للذهبي ٣/ ٧٥.
(٣) وفيات الأعيان ٦/ ٣٩٥ - ٣٩٦.