نسمة السحر بذكر من تشيع وشعر،

يوسف بن يحيى المؤيد (المتوفى: 1121 هـ)

[195] أبو الفرج، يعقوب بن يوسف بن إبراهيم بن

صفحة 379 - الجزء 3

  اجتمع الناس فيما بين القصرين ودار الوزير التي عرفت بدار الديباج، ثم خرج العزيز من القصر على بغلة بغير مظلّة والناس يمشون بين يديه ومن خلفه والحزن ظاهر عليه، حتى وصل إلى دار الوزير فنزل وصلّى عليه وقد طرح على تابوته ثوب مثقّل، ووقف حتى دفن بالقبّة التي كان بناها ثم انصرف العزيز وهو يبكي وسمع وهو يقول: وآطول أسفي عليك يا وزير، واللّه لو قدرت أن أفديك بجميع ما أملك لفعلت.

  وأمر بإجراء غلمانه على عادتهم، وعتق جميع مماليكه، وأقام ثلاثا لا يأكل على مائدته ولا يحضرها من عادته الحضور.

  وعمل على قبره ثوبين مثقلين وأقام الناس عند قبره شهرا، وغدا الشعراء إلى قبره فرثاه مائة شاعر أجيزوا كلّهم، وبلغ العزيز أن عليه ستة عشر ألف دينار فأرسل بها إلى قبره فوضعت عليه وفرّقت على أرباب الدّين، وألزم القراء بالقيام على قبره وأجرى عليهم الطعام، وكانت الموائد تحضر إلى القبر كلّ يوم مدّة شهر، وتحضر نساء الخاصّة كلّ يوم ومعهنّ نساء العامة فتقوم الجواري بأقداح الفضّة فيسقين الناس الأشربة والسويق بالسكر، ولم تتأخر نائحة ولا لاعية عن حضور القبر، وخلّف ضياعا وأملاكا ما بين قياسير، ورباع، وعينا، وورقا، وأواني ذهب وفضّة وجواهر وعنبرا، وطيبا، وثيابا، وفرشا، ومصاحف وكتبا وجواري، وعبيدا وخيلا وبغالا ونوقا وحمرا وإبلا وغلالا، وخزائن ما بين أشربة وأطعمة قومت بأربعة آلاف ألف دينار، سوى ما جهّز به ابنته لما زوجّها من أبي عبيد اللّه الحسين بن القائد جوهر وهو ما قيمته مائتا ألف دينار، وخلف ثمانمائة حظيّة، سوى جواري الخدم، فلم يتعرض العزيز لشيء مما يملكه أهله وجواريه وغلمانه، وأمر بحفظ جهاز ابنته حتى زفّها وأجرى لمن في داره كل شهر ستمائة دينار للنفقة سوى الكسوة والجرايات وما يحمل إليهم من الأطعمة من القصر، وأمر بنقل ما خلّفه إلى القصر، وأقرّ العزيز جميع ما فعله الوزير وما ولّاه من العمّال على حاله، وأجرى الرسوم التي كان يجريها، وأقرّ غلمانه على حالهم، وقال: هؤلاء صنايعي، وكانت عدة غلمان الوزير أربعة آلاف غلام عرفوا بالطائفة الوزيرية، وزاد العزيز أرزاقهم على ما كانت وأدناهم، وإليه تنسب الوزيرية بالقاهرة.

  قال المقريزي: واتفق أن الوزير عمّر قبّة أنفق عليها خمسة عشر ألف