[196] أبو الحجاج يوسف بن محمد الملقب موفق
  وكان أستاذ القاضي عبد الرحيم الميساني(١) المعروف بالفاضل، وهو هذّبه وعلّمه، وكان القاضي جلّ اعتماده عليه في رسائله.
  وعن القاضي الفاضل قال: أرسلني والدي وكان قاضيا بثغر عسقلان إلى مصر في أيّام الحافظ فأمرني أن أصير إلى ديوان المكاتبات، وكان رأسها تلك الأيام ابن الجلال فلمّا مثلت به يديه وعرّفته من أنا رحّب بي ثم قال: ما الذي أعددته لهذا الفنّ من الآلات؟ فقلت: ليس عندي سوى أنني أحفظ القرآن العظيم وكتاب الحماسة، فقال: في هذا بلاغ، ثمّ أمرني بملازمته فلما تدرّبت أمرني أن أحلّ شعر الحماسة فحللته من أوّله إلى آخره ثم أمرني أن أحلّه ثانية فحللته(٢)، وأورد لابن الجلال:
  أما اللسان فقد أخفى وقد كتما ... لو أمكن الجفن كفّ الدمع حين همى
  أصبتم بسهام اللحظ مهجته ... فهل يلام إذا أجرى الدموع دما؟
  قد صار بالسقم من تعذيبكم علما ... ولم يبح بالذي من جوركم علما
  فما على صامت أبدى لصدكم ... في كلّ جارحة منه السقام فما(٣)
  وله أيضا:
  عذبت ليال بالعذيب خوالي ... وخلت مواقف بالوصال حوالي
  ومضت لذاذات تقضّى ذكرها ... تصبي الحليم وتستهيم السّالي
  وحلت موردة الخدود فأوثقت ... في الصبوة الخالي بحسن الخال
  قالوا سراة بني هلال أصلها ... صدقوا كذاك البدر فرع هلال(٤)
  ومن شعره أيضا:
  وأغنّ سيف لحاظه ... يفري الحسام بحدّه
  فضح الصوارم واللّدا ... ن بقدّه وبقدّه
  عجب الورى لما جنن ... ت وقد منيت ببعده
  وبقاء جسمي ناحلا ... يصلى بوقدة صدّه
(١) في الوفيات: «البيساني».
(٢) تاريخ ابن الأثير ٥/ ٣٨٩، وفيات الأعيان ٧/ ٢٢٠.
(٣) وفيات الأعيان ٧/ ٢٢٢.
(٤) وفيات الأعيان ٧/ ٢٢١ - ٢٢٢.