نسمة السحر بذكر من تشيع وشعر،

يوسف بن يحيى المؤيد (المتوفى: 1121 هـ)

[11] أبو الطيب، أحمد بن الحسين بن عبد الصمد

صفحة 198 - الجزء 1

  مولاه الإمام المعزّ لدين اللّه من بلاد المغرب، فلم يؤاخذه بأشياء كانت منه من الجمع لحربه، وأجراه المعز لما قدم على أحسن حال من الجميل.

  ومن ظريف خبره ما حكاه المقريزي في الخطط والآثار، قال: كان الوزير ابن الفرات يهوى النظر إلى الحيّات والأفاعي والعقارب وأم أربعة وأربعين وما يجري هذا المجرى من الحشرات، وكان في داره قاعة لطيفة مرخّمة، فيها سلال الحيّات، ولها فرّاش قيّم وهو من الحوّايين وله مستخدمون برسم الخدمة ونقل السلال وحطّها، وكان كل حوّاء بمصر وأعمالها يصيد ما قدر عليه من الحيّات، ويتباهون في ذوات العجب من أنواعها، وفي الكبار، وفي غريبة المنظر. وكان الوزير يثيبهم على ذلك أوفى ثواب، ويبذل لهم الجمل حتى يجتهدون في تحصيلها، وكان له وقت يجلس فيه على دكّة مرتفعة ويدخل والحوّاة، فيخرجون ما في السلال ويطرحونه في ذلك الرخام ويحشرون بين الهوام، وهو يعجب من ذلك ويستحسنه، فلما كان ذات يوم أنفذ رقعة إلى الشيخ ابن المدبّر الكاتب وهو من أعيان كتّاب أيّامه وديوانه، وكان عزيزا عنده، وكانت داره مجاورة له، يقول فيها لشعر الشيخ الجليل أدام اللّه سلامته: إن الحوّاء عرض علينا البارحة الحشرات الجارية بها العادة، فانساب إلى دار الشيخ الحيّة البتراء وذات القرنين، والعقربان الكبير وأبو صوفة، وما حصلوا لنا إلّا بعد عناء ومشقّة وبحملة بذلناها للحوايين، ونحن نأمر الشيخ وفقه اللّه بالتقدّم إلى حاشيته وصبيّته بصون ما وجد منها إلى أن ننفذ الحوايين لأخذها وردّها إلى السلال، فلما قرء ابن المدبر الرقعة قلّبها وكتب في ذيلها: أتانا أمر سيدنا الوزير خلّد اللّه نعمته وحرس مدّته إلى ما أشار إليه من أمر الحشرات، والذي يعتمد إليه في ذلك أن الطلاق يلزمه إن بات


= موالي المعز العبيدي (صاحب إفريقية) وسيره من القيروان إلى مصر، بعد موت كافور الأخشيدي، فدخلها سنة ٣٥٨ هـ. وأرسل الجيوش لفتح بلاد الشام وضمها إليها. ومكث بها حاكما مطلقا إلى أن قدم مولاه المعز (سنة ٣٦٢ هـ) فحلّ المعز محله؛ وصار هو من عظماء القواد في دولته وما بعدها، إلى أن توفي، بالقاهرة سنة ٣٨١ هـ. وكان كثير الإحسان، شجاعا، لم يبق بمصر شاعر إلا رثاه. وكان بناؤه القاهرة سنة ٣٥٨ هـ وسماها «المنصورية» حتى قدم المعز فسماها «القاهرة» وفرغ من بناء «الأزهر» في رمضان ٣٦١ هـ. ولعلي إبراهيم حسن «تاريخ جوهر الصقلي قائد المعز لدين اللّه الفاطمي -».

ترجمته في:

وفيات الأعيان ١/ ٣٧٥ - ٣٨٠، والنجوم الزاهرة ٤: ٢٨ وما بعدها. وابن عساكر ٣: ٤١٦ وخطط مبارك ٢: ٤٥ ومعجم البلدان ٧: ١٩، الاعلام ط ٤/ ٢ / ١٤٨.