وكان خليفة فاضلا حازما أديبا سعيدا، ومن العجائب أنه كان من الشيعة الإمامية في الإمامة والمعتقد، وكان يرى نفسه نائبا للإمام المنتظر #، وبذلك ذكره الذهبي وعجب منه، ودانت له الدنيا وعانقته السعادة، ودامت خلافته سبعا وأربعين سنة، ولم يتولها أحد من آبائه هذه المدّة، ومن سعادته استرجاع بيت المقدس وسائر ساحل الشام إلّا القليل من أيدي الإفرنج في أيامه بعد أن ملكوه من أيام الإمام الآمر بأحكام اللّه الفاطمي إلى وقته، ففتح بأيدي الغز فكانوا ينتمون إليه.

  ومنها: أن جنكز خان ملك المغل الأتراك الذين أبادوا البلاد والعباد، وظهروا بما وراء نهر جيحون وتلك النواحي في أيامه فشغلهم اللّه بملوك الخطا وبخوارزم شاه وولده جلال الدين محمد، فما زالوا يعاركونهم طول أيامه وأيام ولده.

  ومن سعادته أيضا: أن شاعره أمين الدولة سبط بن التعاويذي⁣^(⁣١) القليل النظير، ومثل الأبله،⁣^(⁣٢) وابن المعلم الواسطي،⁣^(⁣٣) وغيرهم، فخلّدوا ذكره بقلائد لا تزال في نحر الزمان ما بقي.

(١) ترجمه المؤلف برقم ١٦٥.

(٢) هو أبو عبد اللّه محمد بن بختيار بن عبد اللّه المعروف بالأبله البغدادي - من باب تسمية الشيء بضده لأنه كان في غاية الذكاء - كان شاعرا مشهورا، يجمع شعره بين الرقة والصناعة، وكان ظريفا يتزيا بزي الجند.

توفي ببغداد سنة ٥٧٩ وقيل ٥٨٠ هـ. له ديوان شعر، من أبياته السائرة: -

لا يعرف الشوق إلا من يكابده ... ولا الصبابة إلا من يعانيها.

ترجمته في: وفيات الأعيان ٤/ ٤٦٣ - ٤٦٥، خريدة القصر - القسم العراقي - ١/ ٩٥ (المتن والهامش)، شذرات الذهب ٤/ ٢٦٦، الكامل لابن الأثير ٩/ ١٦٤ في حوادث سنة ٥٧٩، هدية العارفين ٢/ ١٠٠، الكنى والألقاب ٢/ ٧، أنوار الربيع ٢ / هـ ٢٥٣ - ٢٥٤.

(٣) هو أبو الغنائم محمد بن علي بن فارس بن علي المعروف بابن المعلم، من أهل قرية الهرث الواقعة على بعد عشرة فراسخ من مدينة واسط. ولد سنة ٥٠١ هـ. كان رقيق الشعر حلو المعاني، أكثر شعره في الغزل والشوق والصبابة، وله في مدح الأمراء والأعيان قصائد جيدة. توفي سنة ٥٩٢ هـ له ديوان شعر.

ترجمته في: وفيات الأعيان ٥/ ٥ - ٩، شذرات الذهب ٤/ ٣١٠، روضات الجنات / ٥٤٣، المختصر المحتاج إليه ١/ ٩٥، الكامل لابن الأثير ٩/ ٢٣٧، النجوم الزاهرة ٦/ ١٤٠، خريدة القصر - شعراء العراق - ١/ ٣٧١، ذيل الروضتين في تراجم رجال القرنين السادس والسابع / ٩، أنوار الربيع ٣ / هـ ٧٨.