[17] الخليفة الناصر لدين الله، أبو العباس
  وقال الذهبي والخطيب: وكان أبيض اللون، رقيق المحاسن، بويع بالخلافة في بغداد بعد موت والده في أول ذي القعدة سنة خمس وسبعين وخمسمائة.
  وولد يوم الاثنين عاشر رجب سنة ثلاث وخمسين وخمسمائة.
  وأمه أم ولد تركية.
  قال: وكان يعاني البندق والحمام في شبيبته، وكانت له عيون على كل سلطان يأتونه بأخباره وأسراره، حتى كان بعض الكبار يعتقد بأن له كشفا واطّلاعا على المغيّبات.
  وفي سنة تسع وتسعين وخمسمائة ماجت النجوم ببغداد، وتطايرت شبه الجراد، ودام ذلك إلى الفجر، وضجّ الخلق بالإبتهال إلى اللّه تعالى.
  قلت: وتطايرت النجوم في ميلاد رسول اللّه ÷، وتطايرت أيضا في خلافة المتوكل بن المعتصم.
  وكان نقش خاتم الناصر: رجائي من اللّه عفوه.
  وكتب الملك الأفضل نور الدين أبو الحسن علي بن صلاح الدين يوسف ابن أيوب(١) إلى الخليفة الناصر يشكو من أخيه وعمّه عثمان وأبي بكر وكانا تظافرا عليه وغلباه على ملك مصر والشام بقوله:
  مولاي إن أبا بكر وصاحبه ... عثمان قد غصبا بالسيف حق علي
  وخالفاه وحلّا عقد بيعته ... فالأمر بينهما والنص فيه جلي
  فانظر إلى حظّ هذا الاسم كيف لقى ... من الأواخر ما لاقى من الأول
(١) هو أبو الحسن الملك الأفضل نور الدين علي بن السلطان صلاح الدين يوسف الأيوبي. ولد بالقاهرة سنة ٥٦٥ وقيل ٥٦٦ هـ. كان أكبر أولاد أبيه وإليه ولاية عهده. درس على خيرة علماء عصره. لما توفي والده استقل كل واحد من أهل بيته بما تحت يده من البلاد. ولم يبق له غير الشام التي كان يتولى شؤونها على عهد أبيه، ثم اعتدى عليه أخوه العزيز عثمان وعمه العادل أبو بكر، فحاصراه وأخرجاه من الشام قسرا، وأعطياه صرخد. وبعد وفاة أخيه العزيز تولى إدارة مصر نيابة، ثم أخرجه عمه منها وأعطاه سميساط، فبقي فيها إلى أن توفي سنة ٦٢٢ هـ.
ترجمته في: الكامل لابن الأثير ٩/ ٣٦٥، وفيات الأعيان ٣/ ٤١٩ - ٤٢١ النجوم الزاهرة ٦/ ٢٦٢، شذرات الذهب ٥/ ١٠١، أنوار الربيع ١ / هـ ١٣٤ - ١٣٥.