[19] أبو العلاء، أحمد بن عبد الله بن سليمان
  ولد يوم الجمعة عند مغيب الشمس لثلاث بقين من ربيع الأول سنة ثلاث وستين وثلاثمائة بالمعرّة، وعمي بالجدري غشى يمنى عينيه بياض، وذهب باليسرى جملة.
  وقال الحافظ السلفي: أخبرني أبو محمد عبد اللّه بن الوليد بن غريب الإيادي: أنه دخل مع عمّه على أبي العلاء يزوره، فرآه قاعدا على سجادة له وهو شيخ قال: فدعاني ومسح على رأسي وكنت صبيّا، وكأني أنظر إليه الساعة وإلى عينيه، إحداهما نادرة، والأخرى غائرة جدّا، وهو مجدّر الوجه، نحيف الجسم.
  ولما فرغ من شرح ديوان أبي الطيب المسمّى ب «اللامع الغريزي»(١) وقرأ عليه، أخذ الجماعة في وصفه بالثناء فقال لهم: كأنّما أنظر إلى المتنبي بظهر الغيب إذ يقول:
  أنا الذي نظر الأعمى إلى أدبي ... وأسمعت كلماتي من به صمم
  ومن مؤلفاته: «ذكرى الحبيب» وهو مختصر ديوان أبي تمّام(٢)، وشرح ديوان البحتري وسمّاه «عبث الوليد» وتكلّم على غريب أشعارهم ومعانيها ومآخذهم من غيرهم، وما أخذه عليهم، والانتصار لهم، والنقد في البعض عليهم(٣).
  قال القاضي الأديب المؤرخ العلامة شهاب الدين أحمد بن خلكان في تأريخه: وكان أبوه فاضلا، وعليه قرأ ولده أبو العلاء علم النجوم واللغة بالمعرة، وقرأ على محمد بن عبد اللّه بحلب، وله مصنفات مشهورة يطول ذكرها، ومن أفضلها: كتاب «الهمزة والردف» ويسمى أيضا «الأيك والغصون» يقارب مائة جزء.
  قال: وحكى من وقف على المجلد بعد المائة منه وقال: لا أعلم ما كان يعوزه بعد هذا المجلد، وله ديوان سماه: «سقط الزند» وسمّى شرحه عليه «ضوء السقط»، وسمى أيضا شرح ديوان المتنبي «معجز أحمد».
(١) في وفيات الأعيان: «العزيزي».
(٢) في هامش ب: «وهو شرح ديوان أبي تمام لا مختصره، وهو مشهور، وكيف يخفى على المؤلف مع دعواه الطويلة».
(٣) وفيات الأعيان ١/ ١١٣ - ١١٤.