[27] السيد أبو علي، أحمد بن محمد بن معصوم
  وخمسين، ودخل الديار الهندية في شوال من السنة المذكورة، وكان اجتماعه بالسلطان قطب شاه صاحب حيدر آباد يوم الثلاثاء لعشر بقين من الشهر المذكور حتى قضى اللّه على شمس السلطنة بالأفول، وأهاب بالسلطان داعي المنيّة بالقفول، وذلك في مفتتح سنة ثلاث وثمانين وألف.
  قلت: كان هذا السلطان، صاحب الدكن، وهو بلاد حيدر آباد، هو وأولاده وأهل مملكته إمامية، ثم بلغني أن السلطان محمد المعروف بأورنق زيب استولى على مملكته وأسر ولده أبا الحسن، وسمعت أيضا أن قطب شاه لشدّة اشتياقه إلى السيد أبي علي خان على اجتذابه إليه بأن دبّر مع تجّار الهند أن يركبوه السفينة على سبيل التفرّج، فإذا حصل فيها طاروا به إلى بلاد الهند، ففعلوا به ذلك من جدّة، ولما وصل إليه أكرمه غاية الإكرام، وأقبل عليه وزوّجه بابنته واستوزره وحكّمه، وسمعت أنه تولى المملكة بعد وفاته، إن اللّه ليعجب من قوم يقادون إي الجنة بالسلاسل.
  وله نظم ونثر ورسائل، وأما أنا فلم أرو له إلّا قوله في غلام غضب عليه فضربه وقال:
  تراءى كظبي نافر من حبائل ... يصول بطرف فاتن منه فاتر
  ومذ ملئت عيناه من سحب جفنه ... كنرجس روض جاده وبل ماطر(١)
  وأجازه وزيره أحمد بن محمد الجوهري(٢) فقال:
  وظبي غزير بالدلال محجّب ... يرى أن فرض العين ستر المحاجر
  رماني بطرف أسبل الدمع دونه ... لكي لا أرى عينيه من غير ساتر(٣)
(١) سلافة العصر ٢٠
(٢) هو الشيخ أحمد بن محمد بن علي، المعروف بالجوهري المكي. شاعر بارع، له مشاركة في بعض العلوم. هاجر إلى الهند، وبعد مكث دام (٢٥) سنة عاد إلى وطنه، ولما دخل مكة أنكر ما شاهده فيها من جور وانحلال، ولأنه لم ير تلك الوجوه التي كان يشتاق لرؤيتها كر راجعا إلى المخا. ثم انتقل إلى إيران، ومنها عاد إلى الهند سنة ١٠٧٥ وافدا على السيد أحمد نظام الدين، ولم يزل هناك إلى أن توفاه اللّه سنة ١٠٧٩ هـ.
ترجمته في: سلافة العصر ١٩٢، خلاصة الأثر ١/ ٣٢٧، حديقة الأفراح ٤٠، أنوار الربيع ٥ / هـ ١١٤ - ١١٥.
(٣) السلافة ٢١.