[28] السيد أبو محمد، إسحاق بن المهدي أحمد بن
  الشمس في الشرق، وكان بها أيام المؤيد بن التوكل، فلما توفى انقطع ذلك العقد المنضد، والشهب التي رصّعها المنصور لبنيه في سمائه ووقد، وجرى الأمر الوضائف(١)، ما جرى بالمغرب من ابن تاشفين على ملوك الطوائف، ثم اعتقل هذا الهلال في سرار القصر أعواما كثيرة، وشابه إسحاق بن يوسف بن يعقوب، ثم خلص من ضرّ السجن خلوص أيوب، وكان خروجه من قصر صنعاء في أواخر رجب سنة عشر ومائة، وهو الآن في شهر شوّال سنة ثلاث عشرة مقيم ببلد خمر - بفتح المعجمة وكسر الميم ثم راء: بلد بهمدان من ذلك التأريخ، وبيده ولايتها وما جاورها، وله مع الأدب إلمام بعلم الفلك، وأشعار موشّحة، وكان والده يحبّه ويعتمد عليه، وله فروسية وشجاعة وسخاء يفضل به الناس.
  ورأيت بخط صاحبنا الأديب شعبان سليم - الآتي ذكره(٢) - في ظهر مجموع شعره منسوبا إلى المذكور، هذه الأبيات عملها لما سمع صوت حمامة ناحت بقربه:
  وحمامة صدحت على فنن اللوى ... فغدا يسيل دمي من الأحداق
  تشدو وقد خلصت من القفص الذي ... قد قيدت فيه عن الاطلاق
  ناديتها لما سمعت هديلها ... يا ذات طوق نحن في الأطواق
  بي مثلما بك يا حمامة فاسئلي ... من فكّ أسرك أن يحلّ وثاقي(٣)
  وكنت أحسب إن البيت الأخير من هذه القطعة له، حتى رأيت في بعض الكتب الأدبية إن الكناني أنشد:
  ناحت مطوّقة بباب الطاق ... فجرت سوابق أدمعي المهراق
  إن الحمائم لم تزل بحنينها ... قدما تبكّي أعين العشّاق
  كانت تغني في الأراك فأصبحت ... بعد الأراك تنوح في الأسواق
  لعن الفراق وجذّ حبل وتينه ... وسقاه من سمّ الأساود ساقي
  يا ويحه ما قصده قمرية ... لم تدر ما بغداذ في الآفاق
  بي مثل ما بك يا حمامة فاسألي ...... الخ.
(١) هكذا في الأصل.
(٢) ترجمه المؤلف برقم ٨٥.
(٣) نشر العرف ١/ ٣١٥.