[32] أبو الطاهر، المنصور، إسماعيل بن القائم
  خدها وبين حمرته وعرفه في بستانه، فحمله الغرام على احتمال تلك المكاره العظام، فلما عاد إلى المنصورية أراد دخول الحمام فمنعه طبيبه إسحاق بن سليمان الإسرائيلي(١) فلم يقبل، ودخله فقلّت الحرارة الغريزية منه ولازمه السهر، فأقبل إسحاق يعالجه والسهر باق على حاله، فاشتدّ ذلك على المنصور، فقال لبعض الخدم: أما بالقيروان طبيب يخلصني مما أنا فيه، فقال: ها هنا شاب قد نشأ يقال له إبراهيم فأمر بإحضاره، فحضر وشكا إليه ما به، فجمع له أشياء منوّمة وكلّفه شمّها، فلما أدام شمّها نام، وخرج إبراهيم مسرورا بما فعل.
  وجاء إسحاق فطلب الدخول عليه فقالوا: هو نائم، فقال إن كان قد صنع له شيء فنام منه فقد مات، فدخلوا فوجدوه ميّتا، فأرادوا قتل إبراهيم فقال إسحاق: ما له ذنب. إنّما داواه بما ذكر الأطبّاء غير أنه جهل أصل المرض وما عرّفتموه، ذلك وأنا كنت أعالجه وأنظر في تقوية الحرارة الغريزية، وبها يكون النوم، فلما عولج بما يطفئها علمت أنه قد مات(٢).
  قلت: يكون من قتلاء الغرام.
  وكانت ولادته بالقيروان سنة اثنتين، وقيل: إحدى وثلاثمائة، وكانت خلافته سبع سنين وستة أيام، ¦.
  وسيأتي بيان مذهب الإسماعيلية، وتحقيق حال هؤلاء إن شاء اللّه تعالى.
  * * *
  وجلولاء، بفتح الجيم وضمّ اللام وبعدها واو ساكنة ثم لام ألف: مدينة بالقيروان، وناحية بالعراق أيضا جلولاء كانت بها وقعة مشهورة بين المسلمين والفرس.
  والقيروان: في اللغة العسكر، وهو هنا كرسي مملكة الغرب، وعمر مدينته ابن أبي سرح أيام عثمان، وهو أول من غزاها فسمّاها باسم المعسكر مكانها.
(١) أبو يعقوب إسحاق بن سليمان الإسرائيلي، أصله من مصر وكان في أوّليته كحالا ثم سكن القيروان، وتتلمذ على الطبيب إسحاق بن عمران، وخدم المهدي وخلفائه من العبيديين، وله كتاب الحميات، خمس مقالات «ابن أبي أصيبعه ٢/ ٣٦ - ٣٧، وفيات الأعيان ١ / هـ ٢٣٦».
(٢) وفيات الأعيان ١/ ٢٣٥ - ٢٣٦.