[32] أبو الطاهر، المنصور، إسماعيل بن القائم
  الزهد وأنه إنّما قام غضبا للّه تعالى، ولا يركب إلّا الحمار، ولا يلبس إلّا الصوف، وله مع القائم والد المنصور وقائع كثيرة، وولى القائم ولده المنصور وحربه، وملك الخارجي جميع مدن القيروان واستباحها وقتل نسائها وأطفالها ولم يبق إلّا المهدية، فأناخ عليها أبو يزيد فحاربها فحاصرها فمات القائم في الحصار، واستخلف المنصور، فاستمر على محاربته وكتم موت أبيه حتى رجع أبو يزيد عن المهدية ونزل على سوسة فحاصرها، وخرج المنصور من المهدية فلقيه على سوسة فهزمه ووالى عليه الهزائم إلى أن أسره يوم الخميس لخمس بقين من المحرم سنة ست وثلاثين وثلاثمائة، وهلك بعد أسره بأربعة أيام من جراحة أصابته، فأمر بسلخه وحشي جلده قطنا وصلبه وبنى مدينة في موضع الوقعة سمّاها المنصورية، واستوطنها(١).
  وكان جدّه المهدي حين عمّر المهديّة وجعل أبوابها من حديد مصمت، وبالغ في تحصينها، وحين فرغ منها قال: الآن أمّنت على الفاطميات، فظهر نتيجة قوله، لأن علم الجفر وكتابه الذي كان لجعفر الصادق # صار إليهم كما ذكر المؤرخون.
  وكان المنصور شجاعا رابط الجأش.
  وقال ابن خلكان: إن سبب وفاته، أنه خرج في شهر رمضان سنة إحدى وأربعين وثلاثمائة من المنصورية إلى مدينة جلولاء ليتنزه بها ومعه حظيّته قضيب وكان مغرما بها، فنزل عليهم برد، وجاءتهم ريح عظيمة وهو عائد منها إلى المنصورية، واشتدّ عليهم البرد حتى مات أكثر من معه، وهو متجلّد فأوهن جسمه(٢).
  وقال غيره: إن سبب خروجه إلى جلولاء، إنه أهدى له منها أترج عجيب الخلقة لا نظير له في الدنيا، فسألته قضيب أن تراه في أغصانه، وتفاضل بين
= جوذر ٤٨ والنجوم الزاهرة ٣: ٢٨٧ قلت: ووقع «كيداد» في مخطوطة ابن قاضي شهبة، وفيات ٣٤١ في ترجمة إسماعيل بن القاسم. بلفظ «كنداد» مكسور الأول منقوط النون، الإعلام ط ٤/ ٧ / ١٩٤.
(١) وفيات الأعيان ١/ ٢٣٥.
(٢) وفيات الأعيان ١/ ٢٣٥.