[33] أبو الوليد، أشجع بن عمرو السلمي، الشاعر
  متى تبلغ العيس المراسيل بابه ... بنا فهناك الرّحب والمنزل الرّحب
  يبثّ على الأعداء أبناء دربة ... فلم تقهم منهم حصون ولا درب
  وما زلت ترميهم بهم متفرّدا ... أنيساك حزم الرّأي والصّارم العضب
  جهدت فلم أبلغ علاك بمدحة ... وليس على من كان مجتهدا عتب
  فضحك الرشيد وقال: خفت أن يجب وقت الصلاة فينقطع المديح عليك فبدأت به، فقلت: نعم، فأمرني بقراءة النسيب وأمر لكل واحد من الشعراء بعشرة آلاف درهم وأمر لي بضعفها(١).
  قال أبو محمد، إسحاق بن إبراهيم الموصلي: اصطبح الواثق(٢) في يوم ممطر واتصل شربنا حتى سقط الخمر منّا صرعى وهو معنا على حالنا فما حرّك أحد منا من موضعه إلى أن كان هو أول من قام وأمر بإنباهنا فنهبنا وتوضأنا وأصلحنا من شأننا وجئنا إليه وهو جالس وفي يده كأس يريد أن يشربه والخمّار يمنعه، فقال: يا إسحاق انشدني في المعنى شيئا، فأنشدته قول أشجع السلمي:
  ولقد طعنت الليل في أعجازه ... بالكأس بين غطارف كالأنجم(٣)
  يتمايلون على النعيم كأنّهم ... قضب من الهنديّ لم تتثلّم
(١) الأغاني ١٨/ ٢٢٠ - ٢٢١، كتاب الأوراق / أخبار الشعراء المحدثين ٧٥.
(٢) هارون (الواثق باللّه) ابن محمد (المعتصم باللّه) ابن هارون الرشيد العباسي، أبو جعفر: من خلفاء الدولة العباسية بالعراق. ولد ببغداد سنة ٢٠٠ هـ، وولي الخلافة بعد وفاة أبيه (سنة ٢٢٧ هـ) فامتحن الناس في خلق القرآن. وسجن جماعة، وقتل في ذلك أحمد بن نصر الخزاعي، بيده (سنة ٢٣١) قال أحد مؤرخيه: كان في كثير من أموره يذهب مذهب المأمون، وشغل نفسه بمحنة الناس في الدين، فأفسد قلوبهم. ومات في سامراء؛ قيل: بعلّة الاستسقاء. وقال ابن دحية: كان مسرفا في حب النساء، ووصف له دواء للتقوية، فمرض منه، وعولج بالنار، فمات محترقا سنة ٢٣٢ هـ. وأورد (في النبراس) تفصيل احتراقه، وخلافته خمس سنين وتسعة (أو ستة) أيام، وكان كريما عارفا بالآداب والأنساب، طروبا يميل إلى السماع، عالما بالموسيقى، قال أبو الفرج:
«صنع الواثق مئة صوت ما فيها صوت ساقط» وكان كثير الإحسان لأهل الحرمين حتى قيل أنه «لم يوجد بالحرمين في أيامه سائل».
ترجمته في:
ابن الأثير ٧: ١٠ والطبري ١١: ٢٤ واليعقوبي ٣: ٢٠٤ والأغاني طبعة الدار ٩: ٢٧٦ - ٣٠٠ والخميس ٢: ٣٣٧ والمرزباني ٤٨٤ والنبراس، لابن دحية ٧٣ - ٨٠ ومروج الذهب ٢: ٢٧٨ - ٢٨٨ وتاريخ بغداد ١٤: ١٥، الإعلام ط ٤/ ٨ / ٦٢ - ٦٣.
(٣) الغطارف: السادة الأشراف.