[33] أبو الوليد، أشجع بن عمرو السلمي، الشاعر
  والليل منتقب بفضل ردائه ... قد كاد يحسر عن أغرّ أرثم(١)
  فإذا أدارتها الأكفّ رأيتها ... تثني الفصيح إلى لسان الأعجم
  وعلى بنان مديرها عقيانة ... من سكبها وعلى فضول المعصم
  تغلى إذا ما الشّعريان تنظّما ... صيفا وتسكن في قلوع المرزم(٢)
  ولقد فضضناها بخاتم ربّها ... بكرا وليس البكر مثل الأيّم
  تعطى على الظّلم الفتى بقيادها ... قسرا وتظلمه إذا لم يظلم
  فطرب. وقال: أحسن اللّه أشجع، وأحسنت يا أبا محمد، أعد بحياتي، فأعدتها فشرب كأسه عليها، وأمر لي بألف دينار(٣).
  ولما ولّى الرشيد جعفر بن يحيى البرمكي(٤) بخراسان أنشده أشجع:
  أتصبر للبين أم تجزع ... فإنّ الدّيار غدا بلقع(٥)
  غدا يتفرّق أهل الهوى ... ويكثر باك ومسترجع
  حتى بلغ قوله:
  إلى جعفر نزعت زغبة ... وأيّ فتى نحوه تنزع
  فما دونه لامرئ مطمع ... ولا لامرئ غيره مقنع
(١) الأرثم من الخيل: ما كان في طرف أنفه بياض.
(٢) الشعريان والمرزم: نجوم.
(٣) الأغاني ١٨/ ٢٢٨، ٢٢٩ - ٢٣٠، كتاب الأوراق / الشعراء المحدثين ٨٤ - ٨٥.
(٤) جعفر بن يحيى بن خالد البرمكي، أبو الفضل: وزير الرشيد العباسي، وأحد مشهوري البرامكة ومقدميهم. ولد سنة ١٥٠ هـ ونشأ في بغداد، واستوزره هارون الرشيد، ملقيا إليه أزمة الملك، وكان يدعوه: أخي. فانقادت له الدولة، يحكم بما يشاء فلا ترد أحكامه، إلى أن نقم الرشيد على البرامكة، نقمته المشهورة، فقتله في مقدمتهم سنة ١٨٧ هـ، ثم أحرق جثته بعد سنة. وكانت لجعفر توقيعات جميلة. وهو أحد الموصوفين بفصاحة المنطق وبلاغة القول وكرم اليد والنفس، قالوا في وصف حديثه: «جمع الهدوء والتمهل والجزالة الحلاوة، وإفهاما يغنيه عن الإعادة» وكان كاتبا بليغا، يحتفظ الكتاب بتوقيعاته يتدارسونها. والبرامكة يرجعون في أنسابهم إلى الفرس.
ترجمته في:
تاريخ الطبري: حوادث سنة ١٨٧ والبيان والتبيين ١: ٥٨ والجهشياري ٢٠٤ ومواضع أخر منه.
والبداية والنهاية ١٠: ١٨٩ و ١٩٤ وفيات الأعيان ١/ ٣٢٨ - ٣٤٦ وتاريخ بغداد ٧: ١٥٢ والنجوم الزاهرة ٢: ١٢٣، الإعلام ط ٤/ ٢ / ١٣٠.
(٥) البلقع: الأرض القفر.