نسمة السحر بذكر من تشيع وشعر،

يوسف بن يحيى المؤيد (المتوفى: 1121 هـ)

[33] أبو الوليد، أشجع بن عمرو السلمي، الشاعر

صفحة 411 - الجزء 1

  لو قيل للعباس يا آبن محمد ... قل: لا، وأنت مخلّد ما قالها

  ما إن أعدّ من المكارم خصلة ... الّا وجدتك عمّها أو خالها

  وأرسلها إليه وقدّر عنده ألف دينار فما راعه إلّا وغلامه قد جاءه شيء في قرطاس ففتحه فإذا ديناران فقال للغلام: الديناران لك منّي، فاحتل لي في إرجاع ورقة الشعر، فاختلسها له، فقال فيه ربيعة:

  مدحتك مدحة السيف المحلّى ... لتجري في الكرام كما جريت

  فهبها مدحة ذهبت ضياعا ... كذبت عليك فيها وافتريت

  فأنت المرء ليس له وفاء ... كأني إذ مدحتك قد زنيت

  وأرسلها إليه، فلما قرأها العباس دخل من فوره على الرشيد فقال: إن ربيعة الرقي هجاني، فاستشاط الرشيد غيظا، وكان العباس أثيرا عنده، وقد همّ أن يتزوج ابنته، وأمر بإحضاره، فما رآه قال: يا عاض بظر أمه أتهج عمي وأكرم الناس عليّ، فقال: واللّه قد مدحته بشعر ما قاله أحد من الشعراء في أحد من الخلفاء، ثم أنشده القصيدة، فقال الرشيد: صدق واللّه ما قيل في أحد من الخلفاء مثله حسنا، والتفت إلى العباس فقال: بكم أثبته، فتلكأ وتغيّر وجهه، فقال ربيعة: أثابني دينارين، فظن الرشيد أنه يمزح، فقال: بحياتي عليك أثابك؟

  قال: وحياتك يا أمير المؤمنين ما أعطاني غير دينارين، فتغيظ الرشيد والتفت إلى العباس، وقال: ليت شعري ما الذي قعد بك عن الكرم؟ أنسبك فهو النسب الذي لا يدانى؟ أم قلّة الأموال فلقد سوغتك منها جهدي؟ أم نفسك؟ فلا ذنب لي فهي واللّه نفسك، فكاد يموت خجلة ثم قال الرشيد للرقي: بحياتي عليك لا تذكره في شعرك، وأمر له بثلاثين ألف درهم وأعرض عمّا همّ به من خطبة بنت العباس وجفاه واطّرحه⁣(⁣١).

  وكان ربيعة بعد ذلك كثير العبث بالعباس في حضرة الرشيد، فمنه أن


= غزلا من أبي نواس. كان ضريرا ويلقب بالغاوي. استقدمه المهدي العباسي فمدحه بعدة قصائد ونال جوائزه. توفي سنة ١٩٨ هـ.

ترجمته في: الأغاني ١٦/ ٢٧١ - ٢٨٤، نكت الهميان / ١٥١، ومعجم الأدباء ١١/ ١٣٤ طبقات الشعراء لابن المعتز / ١٥٧، أنوار الربيع ١ / هـ ٣٣٣ - ٣٣٤.

(١) إطّرحه: رماه وقذفه، الأغاني ١٦/ ٢٧٤ - ٢٧٦.