[36] أبو وهيب، بهلول بن عمرو الصيرفي، أحد
  التقلّب بنيها على فعلها، وله أدب مفتر المباسم، يكاد يشتبه لولا عدم برده بالنسائم، وشعر هو واسطة عقد القريض، ولا عيب فيه إلّا ما حوى من سحر الجفن الغضيض.
  وكان يحدّث عن أيمن بن نائل، وعمرو بن دينار، وعاصم بن أبي النجود، وله كلام مليح، ونوادر، وأشعار، واستقدمه الرشيد ليسمع كلامه.
  قال الفضل بن الربيع الحاجب: حججت مع الرشيد فمررنا بالكوفة فإذا بهلول المجنون يهذي، فقلت: أسكت فقد أقبل أمير المؤمنين، فسكت، فلما حاذاه قال: يا أمير المؤمنين، حدّثني أيمن بن نائل، حدثنا قدامة بن عبد اللّه العامري قال: رأيت رسول اللّه ÷ بمنى على جمل وتحته رحل رثّ ولم يكن، ثم طرد ولا طرب ولا إليك إليك، فقلت: يا أمير المؤمنين، إنه بهلول المجنون، قال: قد عرفته، قل يا بهلول، فقال:
  هب انك قد ملكت الأرض طرّا ... ودان لك العباد فكان ماذا؟
  أليس غدا مصيرك جوف قبر ... ويحثو الترب هذا ثم هذا؟
  قال: أجدت يا بهلول، أفغير هذا؟ قال: نعم يا أمير المؤمنين، من رزقه اللّه جمالا ومالا فعفّ في جماله، وواسى من ماله، كتب في ديوان الأبرار.
  فظنّ أنه يريد شيئا، فقال: إنا قد أمرنا بقضاء دينك، قال: لا تفعل يا أمير المؤمنين أتراه أجرى عليك ونسيني الذي أجرى عليك، ما جرى عليك، ثم ولّى وهو يقول:
  توكّلت على اللّه ... وما أرجو سوى اللّه
  وما الرزق من الناس ... بل الرزق من اللّه
  قال الأصمعي: رأيت بهلولا قائما ومعه خبيص(١) يأكله، فقلت: أيش
= الإسلامية، مراقد المعارف تأسيس الشيعة.
كتب عنه الأستاذ معن حمدان علي بعنوان (البهلول) في مجلة البلاغ الكاظمية للسنة ٨/ ١٣٩٩ هـ ١٩٧٩ م ع ٣/ ٢١ - ٢٥.
(١) الخبيص: الحلواء المخبوصة، وخبص الحلواء يخبصها خبصا - من باب ضرب - خلطها وعملها، والمخبصة - بزنة الملعقة - التي يقلب بها الخبيص.