[36] أبو وهيب، بهلول بن عمرو الصيرفي، أحد
  معك؟ قال: خبيص، قلت: أطعمني منه، قال: ليس هو لي، قلت: لمن هو؟
  قال: لحمدونة بنت الرشيد أعطتني آكله لها(١).
  وقال محمد بن إسماعيل بن أبي فديك: رأيت بهلولا في المقابر وقد دلّى رجليه في قبر وهو يلعب بالتراب، فقلت له: ما تصنع ها هنا؟ قال: أجالس أقواما لا يؤذونني، وإن غبت لا يعاتبونني(٢)، فقلت: قد غلى السعر مره، فقال:
  واللّه لا أبالي ولو كان كل حبّة بدينار، إن اللّه علينا أن نعبده كما أمر، وإن عليه أن يرزقنا كما وعد، ثم صفق بيده وقال:
  يا من تمتع بالدنيا وزينتها ... ولا تنام عن اللذات عيناه
  شغلت نفسك فيما لست تدركه ... تقول اللّه ماذا حين تلقاه(٣)
  وقال الحسن بن سهل بن منصور: رأيت الصبيان يرمون بهلولا، فأصابته حصاة فأدمته، فقال:
  حسبي اللّه توكلت عليه ... من نواصي الخلق طرّا بيديه
  ليس للهارب في مهربه ... أبدا من راحة إلا لديه
  ربّ رام لي بأحجار الأذى ... لم أجد بدّا من العطف عليه
  فقلت له: تعطف عليهم وهم يرمونك! فقال: اسكت لعل اللّه يطلع على غمّي وشدة فرح هؤلاء فيهب بعضنا لبعض(٤).
  وقال عبد اللّه بن عبد الكريم: كان لبهلول صديق قبل أن يجنّ، فلما أصيب بعقله فارقه صديقه، فبينما بهلول يمشي في بعض طرقات البصرة إذ لقيه، فلما رآه صديقه عدل، فقال بهلول:
  ادن مني ولا تخافنّ غدري ... ليس يخشى الخليل غدر الخليل
  إنّ أدنى الذي ينالك مني ... ستر ما تتقي وبثّ الجميل(٥)
(١) فوات الوفيات ١/ ١٥٣.
(٢) في الفوات: «لا يغتابوني».
(٣) فوات الوفيات ١/ ١٥٤.
(٤) ن. م..
(٥) ن. م.