نسمة السحر بذكر من تشيع وشعر،

يوسف بن يحيى المؤيد (المتوفى: 1121 هـ)

[38] الأمير أبو معد، تميم بن المعز بن

صفحة 448 - الجزء 1

  واللّه لولا أن يقال تغيّرا ... وصبا وإن كان التصابي أجدرا

  لأعدت تفّاح الخدود بنفسجا ... لثما وكافور الترائب عنبرا⁣(⁣١)

  للّه [درّ] هذه القطعة، ما أجودها وأنداها على الأكباد، ولولا الإيهام لقلت ما أبردها وما أدلّها بالمعنيين، على إنها ربيبة ملك وبنت ملك لمراعاته فيها بين النفائس الذي اعتذر بعد بها ابن الرومي من التفاح الذي هو خدّ الروض، والبنفسج الذي صفر جداليها فما بقي له خوض قبل الغض للغض، وبعد قضى ذلك الغرض، وتشبيه الترائب بالكافور قبل اللثم، وبعده بالعنبر الأشهب وهو حياة الشمّ، وطرح أداة التشبيه وهو أبلغ، وتصريع البيت الثالث والجناس في الأول والثاني والاستعارة وحسن التخييل، وقد جمع النبات الرائحة الذكية نتأمله بفطنة مثلها.

  قال الثعالبي: أنشدني المصيصي للأمير تميم [من الطويل]:

  شربنا على نوح المطوّقة الورق ... وأردية الروض المفوّفة البلق⁣(⁣٢)

  معتّقة أفنى الزمان وجودها ... فجاءت كفوت اللحظ أو رقّة العشق

  كأنّ السحاب الغرّ أصبحن أكؤسا ... لنا وكأنّ الراح فيها سنا البرق

  فبتنا نحث الكأس حثّا وإنّنا ... لنشربها بالحثّ صرفا ونستسقي

  إلى أن رأيت النجم وهو مغرّب ... وأقبلن رايات الصباح من الشرق

  كأنّ سواد الليل والفجر طالع ... بقية لطخ الكحل في الأعين الزرق⁣(⁣٣)

  ومن شعره الحرّ في صفة يوم بالنيل تمتع بأردافه وسروره، وحصل منه في جنّة ولا نار إلّا ما لاح بخمره موشوره، والحباب يحكي ما تبسم به من القواطع، وقد رفعه النيل على صوته وأشار للسلام عليه بالأصابع، فقال:

  يوم لنا بالنيل مختصر ... ولكل يوم مسرّة قصر

  والسفن تصعد كالخيول بنا ... في موجه والماء ينحدر


(١) يتيمة ١/ ٢٩٢، دمية القصر ١/ ٩٣، وفيات الأعيان ١/ ٣٠١، ديوانه ٤٦٤.

(٢) الورق: جمع أورق وورقا، وصف من الورقة: وهو لون سواد في غبرة أو في بياض. وأراد بالورق الحمائم. وبرد مفوّف: رقيق فيه خطوط بيض. والفوف: ثياب رقاق من ثياب اليمن موشاة. والبلق: جمع أبلق وبلقاء، وصف من البلق والبلقة: لون سواد وبياض.

(٣) يتيمة الدهر ١/ ٢٩٣، شرح مقامات الحريري للشريشي، ديوانه ٢٩٦.