[41] السيد ضياء الدين، جعفر بن المطهر بن
  فإن المتوكل بن المنصور استعمله على بلاد العدين لما أخذها بعد وفاة أبي الحسن إسماعيل محمد الماضي ذكره(١)، ولم يزل بها حتى تغلّب عليها الأمير السيد فخر الدين عبد اللّه بن يحيى بن محمد بن الحسن في أوائل دولة المؤيد بن المتوكّل لأسباب اقتضت ذلك، وكان السيد جعفر كاتبا وله شهرة وخط، وكان يحب التشبّه بالصاحب الكافي وأبي إسحاق الصابي، ويرتاح بذكرهما ارتياح البحتري بذكر المتوكل والفتح بن خاقان.
  فمن شعره الذي هو أشهره وفيه الإشارة إلى ميله إليهما:
  تعانقت أغصان بان النقى ... فشابهت أعطاف أحبابي
  ومذ صبا قلبي صبا صاحبي ... آها على الصاحب والصابي(٢)
  وفيه رقّة ولطافة وتورية، وله وفيه مجون:
  تشابه ذقني حين شبت وبغلتي ... فكلتاهما في اللون أشيب أشهب
  فو اللّه ما أدري على ما أتيتكم ... على لحيتي أم بلغتي كنت أركب(٣)
  ولعمري لقول الصابي أحلى من العسل.
  وله أيضا:
  قالت وقد أفنت جميع تبصّري ... ونفت لذيذ النوم من أجفاني
  إن رمت مني زورة في ليلة ... فاصبر وليس لديّ صبر ثاني(٤)
  ومما هو زلال في الصبر، قول الشاعر:
  ومصبّر للصب قلت له: وهل ... صبر لمن عنه الحبيب يغيب
  واللّه إن الشهد بعد فراقهم ... ما لذّ لي فالصبر كيف يطيب
  لأنه بإسكان الياء، وفيه لغة بتحريكها، وهذا الشاعر وهو السابق في كميت هذه الحلبة والرقّة والتورية.
(١) ترجمه المؤلف برقم ٣٠.
(٢) البدر الطالع ١/ ١٨٣.
(٣) البدر الطالع ١/ ١٨٣.
(٤) نفحة الريحانة ٣/ ٤٠٥.