نسمة السحر بذكر من تشيع وشعر،

يوسف بن يحيى المؤيد (المتوفى: 1121 هـ)

[43] أبو الفضل، جعيفران بن علي بن أصغر بن

صفحة 492 - الجزء 1

  والأمّ تضحك منهم ... لعلمها بأبيه⁣(⁣١)

  وأسند عن محمد بن الحسن الكاتب قال: مرّ بي جعيفران مرّة فقال: أنا جائع فأي شيء عندك؟ قلت: سلق بخردل، قال: أشقّ معه بطيخا، قلت: افعل، فادخل وبعثت جاريتي لتجني بطيخا وقدّمت إليه السلق والخردل مع خبز، فأكل، وأبطأت الخادمة حتى ضجر، فأقبل عليّ مغضبا فقال:

  سلقتنا وخردلت ... ثم ولّت فأدبرت

  وأراها بواحد ... وافر الأير قد خلت

  فخرجت واللّه فوجدتها في الدهليز خالية بسائس كما وصف⁣(⁣٢).

  السلق، بكسر المهملة: بقل معروف ومزاجه معتدل، وقيل تغلب عليه الرطوبة وفيه بورقيه بها يلين ويحلل ما في الأمعاء، أو هو بارد رطب في الأولى.

  واجتمع جعيفران يوما مع محمد بن بشير الرياشي الشاعر في بستان، فانفرد ابن بشير لقضاء الحاجة وفاعرسي⁣(⁣٣) عظيم، فأبصره جعيفران فقال:

  قد قلت لابن بشير ... لما رمى من عجانه

  في الأرض تل سماء ... علا على كثبانه

  طوبى لصاحب أرض ... خرّيت في بستانه

  فجعل ابن بشير يشتمه ويقول: يا مجنون، يا ابن الزانية صيّرتني شهرة بشعرك، وجعيفران يضحك.

  أذكرني ابن بشير أبياته المليحة في الفرج، وأن الرزق بغير حيلة، وأسوق لها حكاية وهي: إن المعتصم غزا الروم فأتاه بعض سراياه بخبر غمّه، فركب من فوره وسار أحث سير فسمع منشدا يتمثل في عسكره بقول ابن بشير:

  إنّ الأمور إذا انسدّت مسالكها ... فالصّبر ينتج منها كلّ ما ارتتجا


(١) الأغاني ٢٠/ ٢٠٩.

(٢) الأغاني ٢٠/ ٢١٠.

(٣) كذا في الأصل.