[43] أبو الفضل، جعيفران بن علي بن أصغر بن
  فسرّ بذلك وطابت نفسه، ثم التفت إلى من معه، فقال: لمن هذا؟ قالوا:
  لمحمد بن بشير قال: أمر محمود، وبشير سريع إن شاء اللّه تعالى.
  وتمام الأبيات:
  ماذا يكلّفك الرّوحات والدّلجا ... البرّ يوما ويوما تركب اللّججا(١)
  كم من فتى قصرت في الرّزق خطوته ... ألفيته بسهام الرّزق قد فلجا(٢)
  لا تيأسنّ وإن طالت مطالبة ... إذا استعنت بصبر أن نرى فرجا
  إن الأمور إذا أنسدّت مسالكها ... فالصّبر يفتح منها كلّ ما ارتتجا(٣)
  أخلق بذي الصّبر أن يحظى بحاجته ... ومدمن القرع للأبواب أن يلجا(٤)
  قدّر لرجلك قبل الخطو موضعها ... فمن علا زلقا عن غرّة زلجا(٥)
  ولا يغرّنك صفوا أنت شاربه ... فربّما كان بالتّحريم(٦) ممتزجا(٧)
  لا ينتج الناس إلّا من لقاحهم ... يبدو لقاح الفتى يوما إذا نتجا
  وكان ابن بشير منتقلا، وهو من أهل البصرة، وفي شعره مقاصد حسنة، ومن مشهور شعره وهو حكمة أيضا:
  جهد المقل إذا أعطاك نائله ... ومكثر من غنى سيّان في الجود
  لا يعدم السائلون الخير أفعله ... أما نوالا وأما حسن مردود
  * * *
  ومن شعراء المجانين: أبو دانق الموسوس البغداذي، وله حكايات ظريفة، منها: ما حكاه يعقوب بن الدقّاق المستملي من أبي نصر صاحب الأصمعي قال:
  كنّا يوم جمعة بقبة الشعراء في رحبة جامع المنصور نتناشد الأشعار، فكنت أعلاهم صوتا إذ صاح بي صائح من ورائي يا منتوف، فتغافلت كأنّي لم أسمع،
(١) الروحات: واحدها روحة من الرواح، يكون بمعنى الغدة.
(٢) سهام الرزق: الحظوظ، والفلج: الغلب.
(٣) الفتق: الشق. وارتتج: انغلق.
(٤) أخلق: أجدر.
(٥) الزلق هنا: مكان الزلق. والعزّة: الغفلة، وزلج: زلل.
(٦) التحريم: الصعوبة.
(٧) ديوان الحماسة لأبي تمام ٣٤٦.