نسمة السحر بذكر من تشيع وشعر،

يوسف بن يحيى المؤيد (المتوفى: 1121 هـ)

[43] أبو الفضل، جعيفران بن علي بن أصغر بن

صفحة 494 - الجزء 1

  فقال: ويلك يا أعمى لم لا تتكلم؟ فقلت: من هذا؟ فقال: أبو دانق الموسوس، فالتفتّ إليه، فقال: ويلك هل تعرف أحسن من هذا البيت وأشعر من قائله:

  ما تنظر العين منه ناحية ... إلّا أقامت منه على حسن

  فقلت كالمحاجز له: لا، فقال: لا أمّ لك، هلّا قلت: نعم قوله:

  يزيدك وجهه حسنا ... إذا ما زدته نظرا

  ثم وثب وثبة فجلس إلى جانبي، وأقبل علي، وقال: يا أعمى، صف لي صورتك الساعة، وإلّا أخرجتك من بزّتك، ثم أقبل على من كان حاضرا فقال:

  ظلمناه وهو ضرير لم ير وجهه، فمن أحسن منا أن يصفه؟ قلت: صفه وكان يعقوب ضريرا وأقبح الناس وجها، وكان يحلق شعر رأسه ولحيته وحاجبيه ويدهن، فلم يتكلم أحد، فقال: اكتبوا صفته في رأسه وأنشد:

  أشبه رأسه لولا وجار ... بعينيه ونضنضة اللسان

  بأعظم قرعة عظمت وتمّت ... فليس لها سوى التمييز ثاني

  إذا أعلت أسافها أمالت ... دعائم رأسها نحو الليالي

  لها في كل شارقة وميض ... كأن بريقها لمع الدهان

  فلا سلمت من حذري وخوفي ... متى سلمت صفاتك من لساني

  ووثب إليّ فحالت الأيدي بيني وبينه.

  قلت: أحسن أبو دانق في وصف هذا الأعمى المسكين، ولا سيما تشبيه موضع عينيه بوجار الثعلب فإنه تشبيه بعيد الغور غريب، ووجار الثعلب بيته، ويسمى حجر الضبع وجارا، وأما الضب واليربوع وأمثالهما فلا يقال لبيته إلا الحجر لا غير، وتشبيه رأسه المحلوق من العجائب، والدهان الجد الأحمر القاني، وفيه إيهام بالتورية المطبوعة، واللّه أعلم.