[44] أبو فراس، الحارث بن أبي العلى [سعيد بن]
  والرّيح تجذب أطراف الرّداء كما ... أفضى الشّقيق إلى تنبيه وسنان(١)
  قلت: إن هذا إلّا سحر يؤثر، وهو أحد معجزاته.
  وله يخاطب شريرة جارية شارية قينة الواثق باللّه، وكان عبد اللّه بن المعتزّ يتعشق شريرة وأكثر غزله فيها:
  ومليح الدّلّ ذي غنج ... لابس للحسن جلبابا
  أثمرت أغصان راحته ... لجناة الحسن عنّابا
  خضّبت رأسي فقلت لها: ... فأخضبي قلبي فقد شابا(٢)
  وما ألطف قوله من أبيات في رقّة البشرة:
  يكاد يجري من القميص من النعم ... ة لولا القميص يمسكه
  أخذه ابن النبيه فقصّره واستحق اللوم فقال:
  لها معصم لولا السرار يرده ... إذا حسرت أكمامها لجرى نهرا
  وأنت إذا سمعت قوله في القصيدة البائية التي هجا بها الطالبيين:
  وكانت بنو حرب كسوكم عمائما ... من الضرب في الهامات حمر الذوائب
  جرت بين هذا التشبيه والاستعارة الذي أسعرت نار العداوة حمر الذوائب.
  وقال أبو الفرج الأصبهاني: كان لعبد اللّه بن المعتز غلام مغنّ بديع الجمال اسم نشوان، فجدر فخزن ابن المعتز وخاف عليه، ثم عوفي وقد نقطه الجدري فقال فيه:
  لي قمر جدّر لمّا استوى ... فزاده حسنا وزالت هموم
  أظنّه غنّى لشمس الضّحى ... فنقّطته طربا بالنجوم(٣)
  قال: وكان يوما بمجلس وعنده ندماؤه وقينة تغنّيهم في نهاية حسن الصوت وقبح الوجه فجعل عبد اللّه يخمشها ويتعاشق لها، فقال بعضهم: باللّه يا سيدي
(١) كاملة في أشعار أولاد الخلفاء ١٧٣ - ١٧٤.
(٢) كاملة في أشعار أولاد الخلفاء ١٤٨.
(٣) الأغاني ١٠/ ٣٢٩.