نسمة السحر بذكر من تشيع وشعر،

يوسف بن يحيى المؤيد (المتوفى: 1121 هـ)

[44] أبو فراس، الحارث بن أبي العلى [سعيد بن]

صفحة 504 - الجزء 1

  المعتصم⁣(⁣١)، الشاعر المشهور، والذي عندي أنه أشعر الناس في التشبيهات الدقيقة التي لا يهتدي لها سواه، وشعره شعر المترفين وأبناء النعم.

  قال أبو بكر الصولي في كتاب الورقة: كان أسمر اللون يخضب بالحناء، مسنون الوجه وكان شاعرا مغلقا، واسع الفكرة في النظم والنثر، من شعراء بني هاشم وعلمائهم، وكان إمام المعالم في الأدب ومعرفة كلام العرب، وكان أبو العباس المبرد يجلّه ويسعى إليه ويستفيد منه، إلّا أنه كانت له هنات في حبّ بني هاشم وتقديمهم والغلو فيهم، وله في ذلك قصائد، ثم رجع عن ذلك وقال ما يناقضه، وكان تغلب يقدمه ويقول: هو أشعر أهل عصره.

  قلت: لما وقفت على كلام الصولي في مناقضة مذهبه تعجبت من وقوع ذلك من مثله في النباهة، ولما رأيت ديوان شعره وجدت ذلك كما ذكر الصولي، فربّ قصيدة له غرّاء يمدح بها عليا # حتى يقول السامع هذا من غلاة الشيعة، ورب أخرى توهّم السامع أنه من النواصب ولولا ذلك لأوردت من سحر شعره ما هو منية المتمنّي. وما ألطف قوله، فإن ترك شعره ليس يرضي الأدب [من المديد]:

  عرف الدار فحيّاها وناحا ... بعد ما كان صحا واستراحا

  من رأى برقا يضيء التياحا ... ثقب الليل سناه فلاحا

  فكأنّ البرق مصحف قار ... فانطباقا مرّة وانفتاحا⁣(⁣٢)

  هذا تشبيه مطرب، ومن فصوله القصار فيما يتعلّق بالحكمة: أهل الدنيا كصحيفة كلما نشر منها ورقة طويت أخرى.

  ومن شعره البديع:

  ومهمه كرداء الوشي مشتبه ... قطعته والدّجى والفجر خيطان


(١) ترجمته في:

وفيات الأعيان ٣/ ٧٦ - ٨٠، تاريخ بغداد ١٠/ ٩٥ الأغاني ١٠/ ٣٢٣ - ٣٣٥، المنتظم ٦/ ٨٤، كتاب الأوراق / أشعار أولاد الخلفاء ١٠٧ - ٢٩٦، العبر للذهبي ٢/ ١٠٤، شذرات الذهب ٢/ ٢٢١، معاهد التنصيص ٢/ ٣٨، فوات الوفيات ١/ ٥٠٥.

(٢) كاملة في شعر ابن المعتز ١/ ٤١٧ - ٤٢٢، معاهد التنصيص ٢٤٨، ريحانة الألبا ٢/ ٤٧٨، أنوار الربيع ٥/ ٢١٢، أشعار أولاد الخلفاء ١٢٣ - ١٢٥.