[46] القاضي شرف الدين الحسن بن القاضي جمال
  قل لي عن الأحباب؛ هل عهدي على ... عهدي؟ وهل ميثاقي الميثاق؟
  يا ليت شعري؛ إنّ ليت وأختها ... لسمير من لعبت به الأشواق!
  أيعود لي بعد الصّدود تواصل؟ ... ويعاد لي بعد البعاد عناق؟
  ولقد أقول لعصبة «زيديّة» ... وخدت بهم نحو «العراق» نياق(١)
  بأبي وبي، وبطارفي وبتالدي، ... من يمّموه ومن إليه ساقوا(٢)
  هل منّة في حمل جسم حلّ في ... أرض «الغريّ» فؤاده الخفّاق؟
  أسمعتهم ذكر «الغريّ» وقد سرت ... بعقولهم خمر السّرى فأفاقوا
  حبّا لمن يسقي الأنام غدا، ومن ... تشفى بترب نعاله الأحداق
  لمن استقامت ملّة الباري به، ... وعلت وقامت للعلى أسواق؛
  ولمن إليه حديث كلّ فضيلة ... من بعد خير المرسلين يساق
  لمحطّم الرّدن الرّماح وقد غدا ... للنّقع من فوق الرّماح رواق!(٣)
  لفتى، تحيّته لعظم جلاله؛ ... من زائريه الصّمت والإطراق!
  صنو النبيّ، وصهره؛ يا حبّذا ... صنوان قد وشجتهما الأعراق!(٤)
  وأبو الأولى فاقوا وراقوا، والألى ... بمديحهم تتزيّن الأوراق.!(٥)
  وانظر إلى غايات كلّ فضيلة ... أسواه كان جوادها السّباق؟
  وامدحه لا متحرّجا في مدحه؛ ... إذ لا مبالغة، ولا إغراق!
  ولّاه أحمد في «الغدير» ولاية ... أضحت مطوّقة بها الأعناق؛
  حتّى إذا أجرى إليها طرفه ... حادوه عن سنن الطّريق وعاقوا!
  ما كان أسرع ما تناسوا عهده ... ظلما؛ وحلّت تلكم الأطواق؟!
  شهدوا بها يوم «الغدير» لحيدر ... إذ عمّ من أنوارها الإشراق
  حقنوا الدماء بطاعة من تحتها ... غدر ومكر كامن وشقاق
  حتّى إذا قبض المذلّ سطاهم ... وغدت عليه من الثرى أطباق(٦)
(١) وخدت: أسرعت.
(٢) الطّارف: المال الحديث ويقابله: التالد.
(٣) الرديني: الرمح نسبة إلى «ردينة» زعموا أنها امرأة السمهري. جمعها الشاعر على «ردن».
والرواق: السقف.
(٤) وشجتهما: أي شبكتهما.
(٥) فاقوا وراقوا: تفوّقوا، وطابوا.
(٦) السطوة ج سطا: القوة والقدرة.