[47] الوزير أبو محمد، الحسن بن هارون بن
  وكان فاضلا أديبا كاتبا شاعرا جوادا عالي الهمّة، يعظّم الأفاضل، ويجيد جائزة الشعر، ويقرّب الأدباء والعلماء ويحبّهم، وكان متشيّعا كمعز الدولة.
  وجدّه المهلب أشهر من أن يذكر بالشجاعة والنجابة والكرم ولولا هو قاوم الشراة وحمى عنهم البصرة وغيرها حين كانت تدعى بصرة المهلب لطاحت، وكان مع النجدة والدهاء والكرم كذّابا، وولده يزيد بن المهلب أخو قبيصة كأبيه وأكرم منه وكانوا مروانية ومن عمّال عبد الملك بن مروان والحجّاج، ولما ولي يزيد بن عبد الملك بعد عمر بن عبد العزيز وكان قد حبس يزيد بن المهلب المذكور بخريدة دهلك فأخرجه يزيد فسار إلى البصرة ونزع الطاعة وادّعى الخلافة فسيّر يزيد أخاه مسلمة فالتقوا بعقر بابل فكانت وقعة عظيمة وقتل مسلمة منهم كل محتلم، وقتل يزيد. لما بلغ كثّير عزّة(١) مصابهم بكى وقال:
  ما أعظم الرزية ضحى بنو حرب يوم الطف وضحى بنو مروان بالكرم يوم العقر وبعد تلك الوقعة صاروا أعداء بني أميّة وهم أوّل من سود بالبصرة في دولة بني هاشم. وقيل إن آل المهلب مكثوا بعد العقر سبعين سنة لا تولد فيهم أنثى ولا يموت منهم غلام.
  قلت: هذا مصداق قول أمير المؤمنين #: «بقيّة السيف أنمى عددا، وأبقى ولدا».
  * * *
  رجع، ولما ولّاه معزّ الدولة وزارته قال [من مجزوء الكامل]:
  رقّ الزمان لفاقتي ... ورثى لطول تحرّقي(٢)
  فأنالني ما أرتجي ... هـ وحاد عمّا أتّقي
  فلأصفحن عما أتا ... هـ من الذنوب السّبّق
  حتى جنايته بما ... صنع المشيب بمفرقي(٣)
(١) ترجمه المؤلف برقم ١٣٧.
(٢) الفاقة: الفقر، القلق: الاضطراب وكثرة النقلة في البلاد.
(٣) يتيمة الدهر ٢/ ٢٢٤، وفيات الأعيان ٢/ ١٢٥، فوات الوفيات ١/ ٢٥٨.