نسمة السحر بذكر من تشيع وشعر،

يوسف بن يحيى المؤيد (المتوفى: 1121 هـ)

[51] القاضي، الحسن بن أحمد الحيمي الأصل،

صفحة 557 - الجزء 1

  اللكنة والخلوّ من الفصاحة، فغاب الرسول سنوات ثم عاد بكتاب آخر من الملك يستحث الرسول، فلما بلغ أطراف الحبشة جاءه خبر وفاة المؤيد وقيام أخيه المتوكل مقامه، فراجع السلطان، فأمره أن يدخل إلى اليمن بكتابه، فدخل وواجه المتوكل بشهارة سنة سبع وخمسين، فطمع الإمام في إسلامه، إذ سئل وصول رسول ولم ير أكمل من القاضي المذكور فأرسله إليه ومعه هدية، وسار من اليمن في التأريخ المذكور وسلك من المخا في البحر إلى بندر بيلو وهو من جزيرة زيلع وقاسى أهوالا حكاها، ومنها المخافة من الطائفة القالة وهي أفتك أمم السودان، وهم كالبادية للحبشة، والحبشة منهم في بلاء وخوف، وهم ينتهبون أولادهم ويقتلونهم ولا دين لهم رأسا.

  وذكر في الرحلة: أنه رأى نهرا عظميا بالحبشة، فسأل عنه فأخبروه أنه نيل مصر، ويسمّونه النيل.

  قلت: هذا مصداق من قال منبعه من جبل القمر.

  ورأى خط الاستواء، وإن زيادته بما تمدّه السيول والأمطار المتوالية ببلاد الحبشة في أيام الزيادة بمصر، وهي من أول الصيف حتى تنزل الشمس السرطان.

  وذكر القاضي: أنه وصل إلى مدينة ملك الحبشة يوم الحبشة سلخ صفر سنة ثمان وخمسين وألف، ووصف أرضهم بالخصب الزائد، وكثرة الحنطة والعسل والغنم والسمن، وإن فيها جبالا فيها أمم منهم تعرف الأمة بالقلاسة، واسم الجبل سمين كتصغير سمن أولوا شوكة، إنما يؤدون الخراج إلى ملك الحبشة بالمدارة لمنعة بلادهم وشجاعتهم، وألوانهم إلى البياض، فيهم جمال، وإن هذه الجبال باردة جدا حتى أن الماء في بعضها يجمد شتاء وصيفا، وذكر أنه في كل عام يأتيهم قسيس من البطرك المعظم الذي بكنيسة القيامة بالقدس فيأخذون عنه أحكام الدين، ويأخذ النذور التي للقيامة وغيرها، ثم ينصرف بعد العام ويأتي آخر هكذا أبدا، ورسالته هذه شاهدة بفضله وهي ممتعة.

  ومن شعره مما أورده في الرسالة ونظمه في بلاد الحبشة:

  من لقلب ولطرف ما هجع ... ولصب لم يزل خلف الوجع

  ولمحزون نأى عن داره ... وعن الأحباب كيف المرتجع