نسمة السحر بذكر من تشيع وشعر،

يوسف بن يحيى المؤيد (المتوفى: 1121 هـ)

[54] السيد الحسن بن عبد الله بن مهدي بن

صفحة 573 - الجزء 1

  العلّة شبهناه بالنسيم، فلو تشبه بشعره ابن نباتة لصيّره في كل واد يهيم، ولكان حظّه منه كما قال هاء وميم، من مقاطيع وصلها بالإحسان، ومواصيل يسبح لفصاحتها سحبان، مع ذكا يشتعل قبسه ويعبق بعبير الإجادة نفسه وحفظ لما وعى من الشذرات، ينسي حفظ البلابل للنغمات على الشجرات، ووفاء للصحبة لم يشبه تغيير، ولا ينبئك مثل خبير، وله حظّ في الخط، وقدرة على صعاب الحروف الهجان بالضبط، تحيّر أهل هذا الباب، أنه لم يغلقه ابن البوّاب.

  وهو من بيت كبير من السادة الحسنية باليمن، وكان والده حاكما بصنعاء وهو أحد الصلحاء الأعيان، وتوفى صادرا عن لحج ببحر جدّة في صدر دولة المهدي أحمد بن الحسن سنة تسع وثمانين وألف، قال ولده المذكور: إن ابن عم والده السيد المهدي بن الحسين الكبسي الحاكم الآن بمدينة صنعاء روى عن المؤيد باللّه محمد بن المتوكل، إن السيد عبد اللّه بن مهدي والده كان يسأل اللّه أن يتوفّاه في البحر، وذلك لما يتوقّاه من هول القبر.

  وقرأ الحسن المذكور عليّ طرفا من كتب النحو وذلك ملحة الشيخ لأبي محمد الحريري، وأوائل الحاجبية، وقد تنقّل بأيام يناعة الدولة في الأعمال، ولم يتعد فعله الماضي في الأعمال، وأنشدني من لفظه لنفسه في محبوب له افتصد، وأجاد:

  قد قلت في فصد الحبيب ووجهه ... كالبدر يزهو سافرا بالنور

  والدم يجري أحمرا في أبيض ... هذا العقيق يسيل من بلور⁣(⁣١)

  وأنشدني له في مؤذن يعرف بالقافح عظيم الصوت وله فضول في الأدعية بعد الصلاة ومع ذلك يوصف ماء مسجده بيبس بخلاف سائر المياه:

  تركت صلاتي في مسجد ... وأصبح عذري به واضحا

  لعدم الرطوبة في مائه ... وكون المقيم به قافحا

  النكتة في القافح أنه عبارة عن اليابس في ألسنة العامة، فهذه تورية من العجائب، ومزاج الماء بارد رطب في الرابعة بحسب الطبع، إلّا أنه بحسب ما يمازج معدنه قد يكون حارّا يابسا في الرابعة أو الثالثة كماء البحر الكبريتي


(١) نشر العرف ١/ ٤٩١.