[57] الوزير أبو القاسم، الحسين بن علي بن
  أجاد في هذه القطعة وأحسن، ولا سيما في الخامس والسابع، وتشبيه النهر بالسيف شائع، وما أحسن قول أبي بكر بن عمار الأندلسي من قصيدة مشهورة مدح فيها المعتمد بن عبّاد صاحب أشبيلية:
  روض كأن النهر فيه معصم ... صاف أطلّ على غدير أخضرا
  وتهزّه ريح الصبا فتخاله ... سيف ابن عباد يبدد عسكرا
  أنشدني أخي ضياء الدين زيد بن يحيى(١) بلّ اللّه روحه بماء رحمته لنفسه من قصيدة أبدع فيها وسأوردها إن شاء اللّه عند ذكره:
  فأجبني إلى رياض زواه ... قد دعتنا بألسن الأطيار
  وكفتنا عن مزهر(٢) ورباب ... بغنا عندليبها والهزار
  فرشت تحتنا النبات وأرخت ... خيما فوقنا من الأشجار
  ويسيل النسيم فيها من النهر ... حساما لقطع محل الديار
  أما هذا الحسام الذي يقطع محل الديار فلم يسلّه من غمده سواه.
  وكان الوزير أبو القاسم مع فضله في الشعر وعلوّ الهمة والكتابة من العلماء، وله مؤلفات وديوان شعر وديوان رسائل، ومن مؤلفاته: «اختصار إصلاح المنطق» لأبي يوسف يعقوب بن السكيت، وكتاب «الأساس في علم اللغة»(٣) مشهور عظيم الفائدة، وكتاب «أدب الخواص»، و «المأثور من ملح الخدور».
  وشواهده.
  قال القاضي شمس الدين بن خلكان: أدركت جماعة من أهل الأدب يقولون إن أبا علي هارون بن عبد العزيز الأوزاحي(٤) ممدوح أبي الطيب بقوله:
  أمن ازديارك في الدّجى الرّقباء ... إذ حيث كنت من الظّلام ضياء(٥)
(١) ترجمه المؤلف برقم ٧٤.
(٢) في هامش ب: «مزمر».
(٣) في الوفيات: «كتاب الإيناس» وهو في الأنساب - ط -، ولعل هذا غيره.
(٤) في الوفيات: «الأوارجي»، وفي ديوانه المتنبي ١٢٥: «الأوراجي».
(٥) الازدياد: الزيارة، الدجى: جمع دجية وهي الظلمة، والمعنى أن الرقباء أمنوا زيارتك لي لأنك تضيئين في الظلام فتفضحين بنورك.
القصيدة كاملة في ديوان المتنبي ١٢٥ - ١٢٩.