نسمة السحر بذكر من تشيع وشعر،

يوسف بن يحيى المؤيد (المتوفى: 1121 هـ)

[مقدمة المؤلف]

صفحة 64 - الجزء 1

  مؤلفا منه بما هو أحلى من ذهب الخدود وأرّق، أجد في كل فصل منه ما هو أفضل من الربيع وأكرم من جعفر، وأشهى من العيون الفواتر إلى القلوب وأسحر، ولما حلى بفكري سكّره المكرّر وعلق، وانفتح لي منه ديباج زينة تجدد وما خلق، لازمت التأريخ ملازمة العاذل للعاشق، وطرق فكري منه ما سما قدرا، فعوّذته بالسماء والطارق، ورأيت كتب الفضلاء السلف الأعيان، التي أودعوها نظارا ما برح نظيرا على صرف الزمان، وعلمت بما مرّ لي منها فحلا عليّ مرّه إن من درى أخبار من قبله أضاف أعمارا إلى عمره، وإن الإنسان وإن تقدم حديث، والدهر وإن خلته نقيا مسافرا ببنيه حثيث، وإن أولئك النبلاء قد رفعوا لنا ميزان الرجال بلسان القلم، ونصبوا بارتفاع هممهم لكل مضاف إليهم من البيان نارا على علم، فوقع في خلدي أن أجمع جماعة، تقدموا في هذه الصناعة، وتفرقت⁣(⁣١) أعصارهم فجمعهم الأدب، و «يد اللّه مع الجماعة»، وخصصت بالجمع السالم، كل متشيّع بولاية الوصي عالم، وذكرت فيه من تقدم بالفضل في العصر الأخير، ومن وقفت على عصره من نظمه عتقت فهي القديم القصير، ولم أذكر غير المشاهير، إذ لا يدخل بين الصقور العصافير، متمسكا فيه بطيب الانصاف، رافضا للتحامل والاعتساف، أنظر إلى ما يقول لا من يقول، مقتديا بقول إمامي وصي الرسول: «والناس من آدم وهو من الصلصال»، والعصامي⁣(⁣٢) لا العظامي عند الفعال.

  ولا أفرد بذكر غير من هو على الشرط المقدّم، وقد أذكر تبعا من السنيّة من صلى في حلبة القريض حتى لان له طرفه وسلم، ليجري في بحر الشيعة على الشريعة⁣(⁣٣)، وجمعت فيه خلقا كثيرا، ليكون لي وللأولياء روضة وغديرا، واقتصرت في الأغلب على من نظم العقود الشعرية من هذه العصابة الأدبية، إذ حصر أدباء الأولياء يعجز كل حاصر، وكل شاعر أديب وليس كل


(١) في هامش الأصل يجنبها عبارة: «تأخرت».

(٢) في هامش الأصل: «ذكر الإمام أبو القاسم الزمخشري، أن الحجاج سأل رجلا: أعصامي أنت أم عظامي؟ قال: كلاهما، أراد بالعصامي من سودته نفسه وفعاله، إشارة إلى قول عصام الباهلي للنعمان بن المنذر:

نفس عصام سوّدت عصاما ... وعلّمته الكرّ والأقداما

والعظامي من يفتخر بمن صار عظاما من آبائه».

(٣) في هامش الأصل: «الشريعة: الطريق إلى النهر».