نسمة السحر بذكر من تشيع وشعر،

يوسف بن يحيى المؤيد (المتوفى: 1121 هـ)

[59] الأديب، الحسين بن علي موسى الخياط

صفحة 42 - الجزء 2

  الساكنيه استعمل الموضع، والقرينة دالّة، وبقوله: «شبّوه» المعنى الآخر وهي الدلالة بالقرينة على الشجر، على أن الشيخ صفي الدين الحلي ناقشه في هذا البيت الذي ما سبق إلى حسنه فقال في شرح بديعيته: إن شرط لفظ الاستخدام أن يكون أصليا، وإن لفظ «غضى» ليس بأصلي في المعنيين بل أحدهما منقول عن الآخر، والغضى الحقيقي هو الشجر، ومسمّى وادي الغضى لكثرته فيه، وحمر الغضى لقوة ناره، فكل منقول من أصل واحد.

  قلت: إنّما يمكن الانتصار للبحتري بأنه لم يرد وادي الغضى العلم الذي فيه شجره، وإنّما أراد محلّا اسمه الغضى لا شجر فيه من الغضى، ولا يلزمه النقل لأن شرط المناسبة والفرض عدمها، بل هو مرتجل بل نقد الصفي يلزم في السماء لأن تسمية النبات بها منقول من الهوى الناسبة في نفع الحلق والمشاركة.

  وذاكرني بعض الناس ممن يدعي الكمال الاستخدام في بيت أبي عبادة فذكرت له انتقاد الصفي فأنكر أن يكون فيه نقدا تقليدا لصاحب الإيضاح. والثاني من الاستخدام مذهب الشيخ بدر الدين بن مالك فيما ذكره في «المصباح» وهو أن يذكر لفظ مشترك بين معنيين ثم يؤتى بلفظين يفهم من أحدهما أحد المعنيين، ومن الآخر المعنى الآخر، وقد يكون اللفظان متأخرين عن اللفظ المشترك وقد يكونان متقدمين وقد يكون المشترك متوسطا بينهما، والشاهد قول أبي العلاء في داليته:

  قصد الدهر من أبي حمزة الأ ... وأب مولى حجا وخدن اقتصاد

  وفقيه ألفاظه شدن للنعمان ... ما لم يشده شعر زياد

  فيحتمل النعمان أبا حنيفة، ويحتمل النعمان بن المنذر ملك الحيرة، وزياد اسم النابغة وكان شاعر النعمان، فلفظ فقيه يخدم النعمان أبا حنيفة، وشعر زياد يخدم النعمان بن المنذر، ولا يصحّ على مذهب صاحب الإيضاح لعدم عود ضمير يشده على نعمان منهما، والشرط عنده عوده على اللفظة المشتركة كما في شبوه لكان ذلك الإنسان الذي جاراني أنكر هذا النوع من الاستخدام وهو أعز من الأول صدق هو جاهل له، وإنّما ذكرته للفائدة وتذكرة به، وإلّا فأئمة البديع لم يغفلوه كابن المعتز في كتاب «البديع» وابن حجة في تقديم أبي بكر، والصفدي في «فض الختام عن التورية والاستخدام»، ومنه قوله تعالى: {لِكُلِّ أَجَلٍ كِتابٌ