[66] الأمير أبو محمد، حيدر أغا بن محمد
  زعموا لبيدا قال في شعر له ... وبقيت في خلف كجلد الأجرب
  ثم انتهى الداء العضال فبعدنا ... بلغ الجذام وعصرنا عصر وبي
  فهؤلاء أهل الجذام أراح اللّه منهم.
  ومن شعر حيدر في مرثية غلام مليح يعرف بابن تاج الدين:
  لو لنفس تكون نفسا فداء ... لفداك العذول والرقباء
  يا فقيدا قد كان فينا كريم ... نحن قوم بمثله بخلاء
  كان تاجا عليه إكليل حسن ... زانه منه رونق وبهاء
  سلبته أيدي المنون علينا ... وأتاه إلى فناء الفناء
  قلت لما رأيت قدّك غصنا ... وهو في ذات أربع ملقاء
  أو لهفي على اعتدال قوام ... عانقته برغمي الحدباء
  وبنفسي شرط نجدك ما كان ... له الترب يا حبيبي جزاء
  كنت تأوي القلوب حيّا فشقت ... لك في الموت قلبها الشهباء
  بعد ذاك الغنا من كل حسن ... أيها الناس أنتم الفقراء
  ثم هبنا قرير عين فمنّا ... كلّ عين من البكا مدّاء
  لك ما شئت عند ربك يا ليت ... لنا من تصبّر ما نشاء
  لك منّا الهنا بجنات عدن ... ولنا فيك يا حبيب العزاء
  تأمّل هذه الرقّة وما ضمن المعاني من الدقّة، فالاعتدال والحد ما بعد التاج والإكليل والشرط والجزاء والغناء والفاقة والقره والرمد، مع الانسجام الذي لا يقوى عليه إلّا من قلّده الأدب بإكليله واجتهد، وقد جاء وصف كل والفصيح صفة ما يضاف إليه، وكان حيدر يأنس بهذا الغلام.
  وحكى الفتح بن خاقان في قلائد العقيان: إنه كان بصفّة الجزيرة الخضراء بالأندلس أيكة يانعة، وكان الأديب أبو إسحاق إبراهيم بن خفاجة(١) يقعد هو ومن يهواه لديها ويوسدان خدودها أبرديها، فمرّ بها ومحبوبه قد طواه الردى، ولواه عن ذلك المبتدى، فتذكّر ذلك العهد وجماله، وأذكر صبره لفقده واحتماله، فقال:
(١) مرّت ترجمته بهامش سابق.