[67] أبو سليمان، داود بن سلم التيمي، مولى
  وكان لرجل غلام يأكل هو الحواري ويطعمه الخشكار، فكره حاله وطلب البيع فلم ينفق، ثم مات مولاه فكان مع ولده يأكل هو الخشكار ويطعمه النخالة، فضجّ أيضا أعظم من المرّة مع والده، فباعه من رجل آخر، فكان يأكل تلقاء عينه ثم لا يعطيه إلّا ما يمسك الرمق فكان يصلي ويسلم على روح سيّده الأوّل، وصبر واحتسب، فقيل له في ذلك، فقال: أخاف أن باعني أن يشتريني من يكون يضع الدهن والفتيلة على عيني بدلا من السراج.
  وقال نور الدين العسيلي(١) أحد شعراء الريحانة فأجاد:
  إني بليت بزنجيّ قبائحه ... ليست تعدّ إلى ما فيه من عوج
  كلّ الأمور إذا ضاقت لها فرج ... إلّا أموري إذا ضاقت فمن فرج(٢)
  وقال الثعالبي: إن بعض الفسّاق كان له غلام وكان يفسق به كل يوم حتى بلغ عمر الغلام سبعين سنة، وكلما قال له: قد كبرت يا مولاي عن هذا العمل، يقول: من أمسى إلى اليوم كبرت.
  وأجاد منصور البلبيسي(٣) أحد شعراء الريحانة بقوله:
  قلت لتاج الدين في خلوة ... وقد علاه عبده الأكبر:
  التاج يعلو فوقه غيره ... قال: نعم ياقوت أو جوهر
  وظرف السّراج الورّاق في قوله يذم عبده:
  متلوّن الأخلاق حربائها ... وسواده يمتاز منه القار
  ويسيء آدابا عليّ ودأبي أل ... أعضاء عنه ودأبه الإصرار
  وله ذكاء أياس في حاجاته ... وإذا قضى لي حاجة فحمار
  ورقاد أهل الكهف دون رقاده ... ما جنّ ليل أو أضاء نهار
  وله فضول ما لأقمار الدجى ... معه ولا متحدثين سرار
(١) ترجمته في: خبايا الزوايا للخفاجي، وشذرات الذهب ٨/ ٤٣٤ وفيات سنة ٩٩٤، وسمّاه نور الدين علي بن محمد العسيلي المصري الشافعي، ريحانة الألبا ٢/ ١٩٧ - ٢٠٧.
(٢) ريحانة الألبا ٢/ ٢٠١، شذرات الذهب ٨/ ٤٣٥.
(٣) ترجمته في: خبايا الزوايا للخفاجي، والخطط المقريزية، وريحانة الألبا ٢/ ١٤٤، وبلبيس، بكسر الباءين وسكون اللام وياء وسين مهملة: مدينة بينها وبين فسطاط مصر عشرة فراسخ، على طريق الشام «معجم البلدان: مادة بلبيس».