[78] الإمام أبو الحسين، زيد بن الإمام السجاد
  ذلّ الحياة وذلّ الممات ... وكل أراه طعاما وبيلا
  فإن كان لا بد من واحد ... فسيري إلى الموت سيرا جميلا
  والذي اشمأزّت له الإمامية منه ما تذكره جماعة من أتباعه: إن جماعة من أصحابه كانوا إمامية، فقالوا له: تبرء من فلان وفلان، فقال: بل أتولّاهما وأترحم عليهما، قالوا: ففيم ننصرك إن كانا لم يظلماك، فهشام لم يظلمك، وفارقوه، فسمّاهم الرافضة.
  وقد ذكر هذا الخبر جماعة من علماء الزيدية كالفاضل أحمد بن محمد الشرفي الحسني وأورده في «شرح الأساس»، وأحمد بن يحيى المهدي في ملله(١)، ولست أعجب من الشرفي فإنه ربّما لم تكن له ملكة في الاطلاع على أخبار الناس، بل العجب من المهدي فإنه أوحد العلماء في مذهبي الزيدية والمعتزلة، والكلام باطل قطعا من قولهم، لأنهم أجمعوا إن مذهب الإمامية اختلقه، ودسّه أبو جعفر المنصور لما خشي من تفاقم الأمر بسبب الأئمة الحسنيين الثائرين عليه، فأراد إلّا يثور التشيّع إذا اعتقدوا إمامة معين، فيقال لهذا الزاعم فكيف أمن المنصور جانب الصادق والكاظم إذا ما سمعت الخراسانية الذين من أكثرهم الإمامية وبهم قامت الدولة العباسية، ثم ذكروا حديث الإمام أبي الحسين مع الإمامية فأثبتوا مذهبهم في أيام هشام بن عبد الملك مع القول بدسيسة المنصور.
  وما أحسب من ذكر هذا الكلام إلا حاسبا دولة المنصور قبل دولة هشام، فافترى ذلك، ولو عكس لما انكشف فبطلت الدعوى وليس قصدي التعصب.
  واللّه يعلم نيتي والحق يحمد على أن المحققين من الإمامية يعظمون زيدا، وألّف أبو جعفر القمّي محدّث الإمامية «عيون أخبار الرضا» للصاحب أبي القاسم وذكر
(١) في هامش الأصل: «هي المنية والأمل شرح الملل والنحل، وقول المواف في الأبطال، لأنهم أجمعوا إن مذهب الإمامية اختلقه ودسّه أبو جعفر المنصور ... من الذين أجمعوا على ما ذكر برد ذلك، وما ذكره هو أن رحمه الداعي الحسن بن إدريس الإسماعيلي ولفظه وهو منسوب بصنعه اسم الفاعل إلى الدعوة الإسماعيلية، وهم فرقة من الشيعة ظهر مذهبهم بعد موت الإمام جعفر الصادق، الذي تبع موسى بن جعفر فهو الإمامي، ومن قال أن النص سبق لإسماعيل بن جعفر فهو إسماعيلي، انتهى بلفظه، يعني إن المنصور اختلقه ودسّه، وزمانه متأخر على موسى، وإسماعيل وهشام لمدة مديدة فعوله أن الكلام باطل قطعا، باطل قطعا».