نسمة السحر بذكر من تشيع وشعر،

يوسف بن يحيى المؤيد (المتوفى: 1121 هـ)

[78] الإمام أبو الحسين، زيد بن الإمام السجاد

صفحة 179 - الجزء 2

  الدنيا، وكان يقال له حليف القرآن، وقال: خلوت بالقرآن ثلاث عشرة سنة اقرأه وأتدبّره فما وجدت في طلب الرزق رخصة، وما وجدت ابتغوا من فضل اللّه إلّا العبادة والفقه.

  وكان نقش خاتمه: إصبر تؤجر، إصدق تنج.

  وقرأ: {وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثالَكُمْ}⁣(⁣١) فقال: إن هذا الوعيد وتهدد. ثم قال: «اللهم لا تجعلنا ممن تولّى عنك فاستبدلت به بدلا».

  وكان إذا كلّمه إنسان وخاف أن يهجم على أمر يخاف منه مأثما قال له: يا عبد اللّه إمسك، إمسك، كف، كف، إليك، إليك، عليك بالنظر لنفسك، ثم يكفّ عنه ولا يكلّمه.

  قال: وقد اختلف في سبب قيام زيد، فقيل: إن داود بن علي بن عبد اللّه ابن عباس، وزيد بن علي، ومحمد بن عمر بن علي بن أبي طالب قدموا على خالد بن عبد اللّه القسري بالعراق، فأجارهم ورجعوا إلى المدينة، فلما ولي يوسف بن عمر بن خالد كتب إلى هشام بن عبد الملك: إن خالد إبتاع من زيد أرضا بالمدينة بعشرة آلاف دينار، ثم ردّ الأرض إليه، فكتب هشام إلى والي المدينة أن يسيّرهم إليه، ففعل، فسألهم هشام فأقّروا بالجائزة وأنكروا ما سوى ذلك، وحلفوا فصدّقهم هشام وعادوا نحو المدينة، فلما صاروا بالقادسية كاتب أهل الكوفة زيدا.

  وقيل: بل ادّعى خالد القسري أنه أودع زيدا وداودا ونفرا من قريش مالا، فكتب يوسف إلى هشام بذلك فسيّرهم هشام من المدينة إلى يوسف ليجمعهم وخالدا، فقدموا عليه، فقال يوسف لزيد: إن خالدا زعم أنه أودع عندك مالا، فقال زيد: كيف يودعني وهو يشتم آبائي على منبره، فأرسل إلى خالد فأحضره في عباة وقال: هذا زيد قد أنكر إنك أودعته شيئا، فنظر خالد إليه وإلى داود وقال لخالد: أتريد أن تجمع مع إثمك فيّ إثما في هذا، كيف أودعه وأنا أشتم أباه، وأشتمه على المنبر، فقال زيد: ما دعاك إلى ما صنعت؟ قال: شدد عليّ العذاب، فادعيت ذلك وأملت أن يأتي اللّه بفرج قبل قدومك.


(١) سورة محمد: الآية ٣٨.