نسمة السحر بذكر من تشيع وشعر،

يوسف بن يحيى المؤيد (المتوفى: 1121 هـ)

[78] الإمام أبو الحسين، زيد بن الإمام السجاد

صفحة 181 - الجزء 2

  وروى المهدي أحمد بن يحيى السيد الحسني الظفيري عن زيد بن علي أنه قال: لو كنت مكان أبي بكر ثم جائتني فاطمة لم أحكم في فدك إلّا بحكمه، ذكر ذلك في كثير من كتبه. فمن ثم قالت الإمامية ما قالت. لأن المهدي ¥ كان يميل إلى رأي أبي هاشم المعتزلي كثيرا.

  * * *

  رجع، فقال خالد: أما لهذا السفيه أحد؟ فقام رجل من الأنصار من آل عمرو بن حزام فقال: يا بن أبي تراب وابن حسين السفيه، أما ترى لوال عليك سمعا وطاعة، فقال زيد: أسكت أيها القحطان، فأنا لا نجيب مثلك، قال: ولم ترغب عنّي، فو اللّه ... لخير منك، وأبي خير من أبيك، وإمّي خير من أمّك، فتضاحك زيد وقال: يا معشر قريش هذا الدين قد ذهب، أفتذهب الأحساب، فو اللّه ليذهب دين القوم وما تذهب أحسابهم، فتكلم عبد اللّه بن واقد ابن عبد اللّه بن عمر بن الخطاب فقال: كذبت واللّه أيها القحطاني، فو اللّه لهو خير منك نفسا وأبا وأما ومحتدا، وتناوله بكلام كثير، وأخذ كفّا من حصبا وضرب بها الأرض، وقال: إنه واللّه ما لنا على هذا من صبر، وقام.

  ثم شخص زيد إلى هشام فجعل هشام لا يأذن له وهو يرفع إليه القصص، وكلما رفع قصة كتب هشام في أسفلها: ارجع إلى منزلك، فيقول زيد: واللّه لا أرجع إلى خالد أبدا، ثم أذن له يوما بعد طول حبس، فصعد زيد وكان بادنا، فوقف في بعض الدرج وهو يقول: «واللّه لا يحب الدنيا أحد إلّا ذل»، ثم صعد وقد جمع له هشام أهل الشام، فسلم ثم جلس، فحلف لهشام على شيء، فقال له: لا أصدّقك، فقال: يا أمير المؤمنين إن اللّه لم يرفع أحدا عن أن يرضى باللّه، ولم يضع أحدا على أن لا يرضى بذلك منه، فقال هشام: أنت زيد المؤمّل للخلافة، وما أنت والخلافة، لا أمّ لك، وأنت ابن أمة؟، فقال زيد: لا أعلم أحدا أفضل عند اللّه من نبي بعثه، ولقد بعث اللّه نبيا وهو ابن أمة، ولو كان به تقصير عن منتهى غاية لم يبعث وهو إسماعيل بن إبراهيم، فالنبوّة أعظم منزلة من الخلافة عند اللّه، ثم لم يمنع اللّه منه أن جعله أبا العرب، وأبا لخير البشر محمد ÷، وما يقصر برجل أبوه رسول اللّه، وبعد أمي فاطمة لا أفخر بأم.

  فوثب هشام من مجلسه وتفرّق الشاميّون، وقال لأصحابه: لا يبيت هذا في عسكري أبدا، فخرج زيد وهو يقول: «ما كره قوم قط حرّ السيوف إلّا ذلّوا».