[79] السيدة الجليلة زينب ابنة السيد الجليل
  ما الحلية إلّا مثل هذه الخريدة اليتيمة، أو شهدت الكاتبة مرّت حلاوتها، أو محبوبة المتوكلية ذهبت طلاوتها، أشبهت وهي ثالثة القمرين في المعارف رابعة، خلا أنها خلت من سهوات الفضل وإن كانت شمسا في السابعة، لم يدر أشعرها أم وجهها أم حليها أجمل، ولما كانت من الطيبات كتبت وفاتها بالمندل، فهي للغواني جمال، ولو كانت النساء مثلها لفضّلت النساء على الرجال، وكانت تعرف النحو والأصول والمنطق وشيئا من النجوم والرمل والسيميا، وترتاض كثيرا آخر أيامها.
  وأما الأدب فهي حليته، وكانت تذاكر بالأدب والعلوم ولا يملّ حديثها مع العفة والخفر والسكينة وشعرها قويّ المباني، له في الفكر فعل المثاني، وهو كثير في فنّي العربي والموشح، وتزوجها أولا علي بن المتوكل ثم فارقها، ثم تزوّجها غيره.
  وأنشدني ابن أخيها السيد بدر الدين محمد بن علي بن محمد، ومن شعرها ما كتبته لأخيه إسماعيل بن علي وكان وفد إليها إلى شهارة ثم أراد المسير إلى علي بن المتوكل وهو باليمن، فأرسلت معه قصيدة توصيه به وذلك بعد أن طلقها بمدّة وأولها:
  أصخ لي أيها الملك الهمام ... عليك صلاة ربك والسلام
  إليك ركائب الآمال أمت ... تيقن أن متجرها أمام
  أتيتك شاكيا من ريب دهر ... به عز المعين فلا يرام
  به غاض الوفاء فلا وفاء ... به فقد الذمام فلا ذمام
  ولا الآباء والأبناء فيه ... ولا الأخوان بينهم التئام
  وفدت على كريم أريحيّ ... سخيّ ليس يعروه السئام
  يجود بصافنات الخيل تزهو ... بعسجدها إذا شحّ اللئام
  يجود بيعملات العيش تنئوا ... بأثقال يجاذبها الزمام
  بكم لا شك تنتظم المعالي ... كسلك الدر يجمعه النظام
  وأنت أبو الحسين أجل قدرا ... من الأكفا وإن جحدوا ولاموا
  علوت عليهم كرما وفضلا ... وما استوت المناسم والسنام
  تلذلك المروءة وهي تؤذي ... ومن يعشق يلذ له الغرام