نسمة السحر بذكر من تشيع وشعر،

يوسف بن يحيى المؤيد (المتوفى: 1121 هـ)

[81] أبو الحسن، السري بن أحمد بن السري

صفحة 204 - الجزء 2

  لأنه كان في بداية أمره يرفو أو يعالج الخياطة ويطرف بالموصل، وتعلق بالأدب فملّكه العنان، فما زال حتى فني به الخالديان.

  وقال في وصف عيشه بالأبرة أو حال حاله [من السريع]:

  وكانت الإبرة فيما مضى ... صائنة وجهي وأشعاري

  فأصبح الرّزق بها ضيّقا ... كأنّه من ثقبها جاري⁣(⁣١)

  ثم امتدح الأمير سيف الدولة واختص به وأثرى بجوده، ونال الرغائب، وكان يستجيد شعره ويعرف قدره.

  وذكره الثعالبي في يتيمة الدهر وأثنى عليه وحلّى بشعره جيد تلك اليتيمة، وكم باتت به وكأنّما على خدّها من المسك لطيمة، وأورد من مطرب شعره [من الطويل]:

  أقول لحنّان العشيّ المغرّد ... يهزّ صفيح البارق المتوقّد

  تبسّم عن ريّ البلاد حبيّه ... ولم يبتسم إلّا لإنجاز موعد⁣(⁣٢)

  ويا ديرها الشّرقيّ لا زال رائح ... يحلّ عقود المزن فيك ويغتدي

  تحيّيه أنفاس الشّمال كأنّما ... يعلّ بماء المسك عنبرها النّدي

  يهيج حنين الورق في شجراتها ... نسيم متى ينظر إلى الماء يبرد⁣(⁣٣)

  وكان السري زيديا، وله قصائد في أهل البيت ¤ ومراثي في الحسين #، واعترضه ابن حجّة في قصيدة رثى بها الحسين # استفتحها بقوله:

  نطوي الليالي علما أن ستطوينا ... فشعشعيها بماء المزن واسقينا

  فقال: إنه لم يراع المناسبة حيث استسقى المدام، والمقام مقام حزن.

  قلت: قد أشعر بذكر طيّ الليالي، وجرت عادة العرب بعدم ملاحظة ما ذكره المتأخرون إلّا القليل كأبي ذؤيب الهذلي⁣(⁣٤) في مرثيته لبنيه:


(١) يتيمة الدهر ٢/ ٢٨٩، معجم الأدباء ١١/ ١٨٣ - ١٨٤، معاهد التنصيص ٤٧٧، كاملة في ديوانه ٢/ ٢٨٩.

(٢) الحبي: السحاب الذي يعترض اعتراض الجبل قبل أن يطبق السماء.

(٣) يتيمة الدهر ٢/ ١٢٠، معاهد التنصيص ٤٧٨، ديوانه ٢/ ١٣٧ - ١٣٩.

(٤) هو أبو ذؤيب خويلد بن خالد بن محرث الهذلي. شاعر مخضرم هلك له خمسة أولاد في الطاعون فأكثر من رثائهم. =